الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
أمام وفد الكونغرس الأمريكي.. سعيّد يدافع عن السيادة التونسية
زيارة أغضبت شرائح واسعة من الشعب التونسي الذي اعتبرها تصب في صالح خدمة الإخوان المسلمين وحركة النهضة

تونس- وفاء دعاسة
أدى وفد من الكونغرس الأمريكي زيارة إلى تونس استغرقت يومَين (4 و5 سبتمبر 2021)، يقوده السناتور كريس مورفي، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي، وهي الثانية بعد زيارة وفد رفيع المستوى من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، على خلفية التطورات التي عرفتها البلاد منذ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تفعيل الفصل 80 من الدستور، واتخاذ جملة من التدابير الاستثنائية؛ منها تجميد نشاط مجلس نواب الشعب، وإقالة رئيس الحكومة، ورفع الحصانة عن كل النواب.
وأثارت زيارة الوفد الأمريكي جدلاً بين رافضٍ ومؤيد لها، على خلفية الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد. واتهم مراقبون حركة النهضة التي ما فتئت منذ 25 يوليو الاستقواء بجهاتٍ أجنبية وتحريضها ضد تونس؛ من أجل دعمها والمطالبة بالتدخل من أجل إعادة البرلمان.
اقرأ أيضاً: تفنيد المغالطات السائدة بشأن التطورات الأخيرة في تونس
وخلال استقباله، مساء السبت 4 سبتمبر 2021، بقصر قرطاج، أكد رئيس الدولة التونسية قيس سعيّد، أن التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها يوم 25 يوليو 2021، تندرج في إطار الاحترام التام للدستور، وذلك بخلاف ما يُروَّج له من ادعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة، مشدداً على أنها تعكس إرادة شعبية واسعة، وتهدف إلى حماية الدولة التونسية من كل محاولات العبث بها.
حماية السيادة
وتسعى الولايات المتحدة للاطلاع عن كثبٍ على تطورات الوضع في البلاد، من خلال البعثات المتتالية منذ 25 يوليو2021 ؛ خصوصاً أن الدعوة التي أعلنت عنها الأحزاب والمنظمات من قِبل السفارة الأمريكية، كان قد سبقها إعلان السناتور الأمريكي كريس ميرفي، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ للشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب، في تدوينة نشرها عبر صفحته على “فيسبوك” يوم 31 أغسطس 2021، زيارته لتونس قريباً.

وكان كريس ميرفي قد صرح بكونه يشعر “بخيبة أمل كبيرة بخصوص تمديد حالة الطوارئ إلى أجلٍ غير مسمى بدلاً من تعيين رئيس حكومة، واستعادة الديمقراطية البرلمانية، وبأنه يحث الرئيس سعيّد على إنهاء حالة الجمود السياسي في أقرب وقتٍ ممكن وإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي”.
تحريض واضح من “النهضة”

وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي، أن إرادة الشعب التونسي تعلو على كل الإرادات، مؤكداً أن ما يحدث في تونس شأن داخلي صرف، ورئيس الجمهورية رئيس شرعي.
وأضاف النابتي، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن تدخل الإدارة الأمريكية يعود إلى ارتباط منظومة الحكم، خصوصاً الممثلة في الإخوان، وتحديداً حركة النهضة، ارتباطاً وثيقاً بلوبيات الولايات المتحدة الأمريكية أو المرتبطة بجهاز الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن جزءاً كبيراً من الاستفزاز المسلط على تونس وراءه لوبيات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وهي التي تعمل على تشويه سمعة الدولة التونسية، والشعب التونسي.
اقرأ أيضاً: تونس بعد 25 يوليو
وأشار محدثنا إلى أن الوفد الأمريكي تجول على أكثر من دولة عربية؛ مثل لبنان والأردن وغيرهما من الدول، لكن ما جعل زيارته إلى تونس تشكِّل ضغطاً، وتجعل النخبة التونسية من أحزابٍ وطنية ومنظمات ترفض هذه الزيارة، هو مناشدة المنظومة المنهارة أطرافاً خارجية من أجل التدخل والضغط، وإرباك الوضع في تونس.
واعتبر النابتي مطالب “النهضة” بالتدخل الأجنبي في الشأن التونسي خيانة؛ “لأن كلَّ مَن يستقوى على وطنه بالخارج هو خائن”، والجميع يعلم أن نتيجة تدخل القوى الخارجية في العراق وسوريا وليبيا كانت دماراً لمقومات الدولة، وتشريداً للمواطنين، ومقتل المئات والآلاف منهم.

وأكد الناطق الرسمي للتيار الشعبي أن المطلوب من الإدارة الأمريكية هو احترام إرادة الشعب التونسي، وأن مصلحتها مع الشعب، وليست مع السلطة الفاسدة في الحكم، مضيفاً أن الإدارة الأمريكية لا تراهن إلا على الفاسدين وخونة شعوبهم، وهم مَن أوصلوا الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى الحضيض، وتبيَّن بالكاشف أن الإدارة الأمريكية تراهن عليهم.
وختم محدثنا: “إجابة رئيس الجمهورية خلال لقائه الوفد الأمريكي بأن السيادة في الداخل للشعب التونسي، وفي الخارج للسيادة التونسية، هي الإجابة المناسبة، وأنه لا خضوع لأي طرف أجنبي”.
اقرأ أيضًا: هل ينجح سعيد في إصلاح خراب عقد من حكم الإسلاميين بتونس؟
لا للتدخل الأجنبي
رفضت أطراف سياسية ومنظمات وطنية الزيارة، وسط تظاهراتٍ شعبية احتجاجاً على ما اعتبرته تدخلاً أجنبياً في صناعة القرار السياسي بالبلاد. وأعلن عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنية رفضها تلبية دعوة السفارة الأمريكية على غرار الحزب الدستوري وحركة الشعب.
حيث أكدت حركة الشعب موقفها المبدئي القاضي بحماية السيادة الوطنية، وعدم السماح لأية جهة خارجية بالتدخل في الشأن التونسي، مؤكدة “انخراطها الدائم في الذود عن استقلالية القرار الوطني، ومعارضة كل ما من شأنه المس بسيادة تونس وشعبها”.
وتظاهر العشرات من أنصار حزب “العمال” التونسي، السبت، وسط العاصمة؛ رفضاً لزيارة وفد من الكونغرس الأمريكي إلى بلادهم.

وكان حزب العمال في بلاغٍ صادر عنه، أدان هذه الزيارة، معتبراً أنه “غير مرحب بها من الشعب التونسي المتمسك بسيادته الوطنية التي فرَّط فيها كل الحكام السابقين والحاليين من خلال توفير كل الظروف للقوى الإمبريالية والرجعية للتدخل في مجمل تفاصيل القرار السياسي والاقتصادي”.

ورفع المتظاهرون، وبينهم الأمين العام للحزب حمة الهمامي، شعارات بينها: “سيادة وطنية لا وصاية خارجية”، و”لا أهلاً ولا سهلاً بالوفد الأمريكي”، و”السلطة ملك الشعب”، وسط حضور أمني مكثف في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس.
من جانبه، أكد سامي الطاهري؛ الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، أن المنظمة الشغيلة لن تشارك في اللقاء، مشدداً على أن الاتحاد” لن يقبل لوبيات الضغط التي يمارسها المدعو المصمودي باسم حركة النهضة”، في إشارة إلى القيادي المستقيل حديثاً من حركة النهضة رضوان المصمودي، والذي أثار جدلاً منذ دخول البلاد فترة التدابير الاستثنائية؛ بسبب ما سُمي بالتحريض على تونس عبر “لوبيات الضغط”.
اقرأ أيضاً: التونسيون يستحقون ما هو أفضل
وكتب الطاهري، في تدوينةٍ نشرها عبر صفحته على موقع “فيسبوك”: “شأننا التونسي لا يُحل إلا بين التوانسة، ولذلك فلن يشارك الاتحاد في دعوة السفارة الأمريكية، ولن يقبل لوبيات الضغط التي يمارسها المدعو المصمودي باسم حركة النهضة.. لم نقبل الاستقواء بالأجنبي زمن ابن علي، ولن نقبله اليوم وغداً”.