الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
ألمانيا تبحث عن خليفة ميركل بين ثلاثة مرشحين
فشلت المستشارة الألمانية في تسليم السلطة بشكل سلس لخليفتها في وقت قد يتحول فيه حزبها إلى مقاعد المعارضة داخل البوندستاغ

كيوبوست
يتوجه الناخبون الألمان، اليوم، إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية التي ستشكل حكومة ائتلافية جديدة تتسلم السلطة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي قررت اعتزال الحياة السياسية، مكتفيةً بمعادلة رقم أستاذها هيلموت كول، في المستشارية، بـ16 عاماً، في وقت تفصلها فيه أيام فقط عن لقب المستشارة الأطول بقاءً في السلطة، فإذا ما بقيت في السلطة حتى بعد 17 ديسمبر تكون تجاوزت 5870 يوماً، الرقم المسجل باسم كول.
اقرأ أيضاً: المستشار المنفرد.. نموذج ميركل وحدوده
الفارق بين الأستاذ وتلميذته أن الأخيرة هي مَن قررت التقاعد بعد تراجع شعبيتها بشكل هدد بالإطاحة بها ودفعها لتقديم العديد من التنازلات خلال السنوات الأربع الماضية، لتبقى على رأس الحكومة بعدما استطاعت تشكيل ائتلاف حكومي بصعوبة كبيرة عقب انتخابات 2017 وما تبعها من تراجع في شعبية الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تخلت عن رئاسته بالتزامن مع قرار اعتزالها الحياة السياسية وعدم خوض انتخابات البوندستاغ؛ لتكون المرأة الحديدية، حسب تصنيف مجلة “فوربس” الأمريكية، لمدة 10 سنوات هي أول مستشار في تاريخ ألمانيا يقرر التقاعد من دون هزيمة انتخابية.

ويتوجه اليوم إلى صناديق الاقتراع نحو 60 مليون ناخب ألماني يحق لهم المشاركة في الانتخابات، مقسمين إلى 31 مليون امرأة و29 مليون رجل؛ من بينهم 2.8 مليون مواطن مدعوون للمشاركة للمرة الأولى، بنسبة تمثل 4.6% من إجمالي مَن لهم حق الانتخاب، ووَفق مبدأ النسبية الذي تجري به العملية الانتخابية، فإن كل ناخب يكون له صوتان؛ الأول لمرشح أو مرشحة في دائرته الانتخابية بشكل مباشر، والصوت الثاني يكون للائحة الحزب الذي يختاره، في وقت يشترط فيه القانون تجاوز الأحزاب عتبة الـ5% من أجل الوجود في البرلمان.
اقرأ أيضاً: صحيفة “دي تسايت” الألمانية: “بعد رحيل ميركل مستقبل صعب ينتظر أردوغان”
وتشهد الانتخابات الحالية بداية تطبيق التعديلات التي جرى التوافق عليها في البوندستاغ؛ بهدف تقليص أعداد النواب، بعدما وصل أعضاء البرلمان الألماني إلى 709 أعضاء بالانتخابات السابقة؛ الأمر الذي أثار مخاوف من التأثير السلبي لزيادة عدد الأعضاء على مهام البرلمان، ومن ثمَّ جرى التوافق على عملية إصلاح قانوني تُنفذ على مرحلتَين؛ الأولى في انتخابات 2021 عبر حساب المقاعد المعلقة مع مقاعد اللوائح الحزبية بشكل جزئي، وَفق عملية حسابية دقيقة، على أن تشهد انتخابات 2025 تخفيض الدوائر الانتخابية التي يصل عددها في الوقت الحالي إلى 299 دائرة.

اختيار المستشار
يعتبر انتخاب المستشار الجديد المهمة الأولى للبوندستاغ بعد انتخابه؛ وهو ما يحدث بالفعل عقب قيام رئيس الجمهورية بتقديم اقتراح بالمرشحين لتولي المنصب، وعادة ما يكون هؤلاء المرشحون هم مرشحي الائتلافات السياسية، ليبدأ النواب بانتخاب المستشار الجديد عبر بطاقات انتخاب سرية من دون تداول مسبق، ويحتاج المرشح إلى أغلبية مطلقة في الأصوات من أجل التكليف بتشكيل الحكومة.
اقرأ أيضاً: أنجيلا ميركل.. تلميذة تفوقت على أستاذها
وفي حال تعذر حصول أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة -وهو أمر لم يتحقق منذ الحرب العالمية الثانية- تكون هناك جولة إعادة خلال 14 يوماً، على أن يؤدي الفائز بالأغلبية اليمين، ويبدأ في تشكيل حكومته التي تحصل على الثقة من البوندستاغ الذي يملك الحق الحصري أيضاً في إقالتها في ما يعرفه القانون الألماني بـ”حجب الثقة البناء”، والذي يتم فيه سحب الثقة من المستشار وانتخاب خليفته وإرسال اسمه إلى رئيس الجمهورية؛ من أجل التصديق على اختياره في إجراء روتيني.

إخفاق ميركل
ورغم أن ميركل اتخذت قرار التقاعد قبل 3 سنوات من الانتخابات؛ فإنها أخفقت في المهمة الأخيرة لها كمستشارة بعدما لم تتمكن من تمهيد الطريق أمام خليفتها في المنصب، لتحقق انتقالاً سلساً للسلطة؛ فالاختيار الأول لذراعها اليمنى لفترة طويلة أنغريت كرامب كارنباور، باء بالفشل بعد استقالتها على خلفية أزمة داخل الحزب عقب أسابيع قليلة من توليها رئاسته، في وقت لم ينجح فيه مرشح حزبها أرمين لاشيت، في إقناع الناخبين والسياسيين وحتى المتحالفين مع حزبها، بقدرته على تولي منصب المستشارية بعدها بشكل حاسم وسط منافسة قوية.
خليفة ميركل في المنصب الذي سيختاره نواب البوندستاغ سيكون واحداً من ثلاثة؛ أرمين لاشيت، رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ومرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك، بالإضافة إلى أولاف شولتس، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي تصاعدت حظوظه بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة قبل التصويت.

صعود شولتس
حقَّق أولاف شولتس، الذي شغل منصب نائب المستشار ووزير المالية في حكومة ميركل الأخيرة، صعوداً هادئاً على المستوى الشعبي؛ بسبب قلة الأخطاء التي وقع فيها ووجوده بالقرب من ميركل واستفادته من انخراطه في العمل الحكومي على العكس من منافسيه، في وقت قالت فيه استطلاعات الرأي التي أُجريت في الأسابيع الماضية، إن شعبية شولتس تصل إلى 50% من أصوات الناخبين حال ما كان انتخاب المستشار سيتم بشكل مباشر من الناخبين؛ وهي شعبية تفوق شعبية حزبه التي قدرتها استطلاعات الرأي بـ24% من أصوات الناخبين، متقدماً على حزب ميركل للمرة الأولى من 15 عاماً.
شولتس الذي يراه كثيرون الأقرب لخلافة ميركل، عبَّر خلال المناظرة الثالثة والأخيرة، التي أُجريت بينه وبين كلٍّ من أرمين لاشيت وأنالينا بيربوك، عن رغبته في تشكيل ائتلاف حكومي مع حزب الخضر، مع دفع حزب الاتحاد المسيحي إلى مقاعد المعارضة؛ وهو الأمر الذي يعني أن حزب ميركل الذي قاد ألمانيا لمدة 16 عاماً سيكون في المعارضة مع أحزاب اليسار وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي.