الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

أكبر اقتصادَين إفريقيَّين يتلونان بالرمادي

مجموعة العمل المالي تضع نيجيريا وجنوب إفريقيا على المحك

كيوبوست- عبدالجليل سليمان

في قرار ربما يضع أكبر اقتصادَين في إفريقيا على المحك ويعرضهما إلى المزيد من التدقيق المالي والمصرفي، أدرجت مجموعة العمل المالي (FATF)، المعنية بمكافحة الجرائم المالية وغسيل الأموال، الأسبوع الماضي، جنوب إفريقيا ونيجيريا على القائمة الرمادية؛ بحيث يحتاجان إلى بذل المزيد من الجهد لتحسين قدرتهما على مكافحة الجريمة المالية، بينما تم حذف المغرب من القائمة.

وقالت المنظمة إن جنوب إفريقيا لم تستجب بما يكفي للإجراءات المطلوبة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وإن فترة حكم الرئيس السابق جاكوب زوما، التي استمرت 9 سنوات، شهدت تفشياً واستيطاناً لظاهرة الكسب غير المشروع، بينما فشلت إدارة خلفه سيريل رامافوزا، في معالجة أوجه القصور حتى الآن.

اقرأ أيضاً: القمة الإفريقية (36).. لا جديد في قارة تحكمها الانقلابات العسكرية

وبينما لم يصدر أي رد فعل فوري من الحكومة النيجيرية، قالت وزارة الخزانة الوطنية في جنوب إفريقيا إنها تتوقع أن يكون لهذه الخطوة تأثير محدود على الاستقرار المالي وتكاليف ممارسة الأعمال التجارية؛ لكنها ستواصل العمل لمعالجة مخاوف مجموعة العمل المالي.

وتعهد البنك المركزي بتعزيز إشرافه والتأكد من امتثال المقرضين التجاريين والمؤسسات المالية الأخرى بشكل كامل لالتزاماتهم لحماية سلامة النظام المالي.

وقال وزير المالية الجنوب إفريقي (إينوك جودونجوانا)، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن حكومة بريتوريا تدرك أن معالجة أوجه القصور تصب في مصلحة جنوب إفريقيا وتتسق مع التزامها الحالي بمكافحة الجريمة.

تدقيق وتحقيق

صناعة النفط والغاز في نيجيريا- وكالات

من جهته، اعتبر الباحث المهتم بالشؤون الإفريقية، عبدالله جرمة، في حديثه إلى (كيوبوست)، أن الإدراج في هذه القائمة، قد يجعل من ممارسة الأعمال التجارية مع الدول المعنية أكثر تعقيداً مما كانت عليه من قبل، بالإضافة إلى المساس بسمعة الدول المعنية؛ ما يؤثر بشكل ما ولو طفيف على الاستثمارات والتدفقات المالية، وإن كانت القائمة غير دائمة وبالإمكان حذف الدولتَين في أسرع وقت ممكن، إذا ما اتبعتا الإجراءات الموصى بها؛ حيث تم حذف  73٪ من الدول التي تم إدراجها في القائمة من قبل.

عبدالله جرمة

ولكن هذا لا يعني -حسب جرمة- عدم الامتثال إلى الإجراءات الكفيلة بالعودة إلى الوضع الطبيعي والخروج من القائمة؛ حيث يُمكن أن تتأثر اقتصادات الدول الرمادية، إذ إن المكوث في القائمة لفترات طويلة يجعل المنظمات الدولية في حاجة إلى إخضاع الشركات المحلية في الدول المعنية إلى مزيد من التدقيق عند التعامل معها، وعلى جنوب إفريقيا ونيجيريا اتخاذ خطوات إضافية لمعاجلة هذا الوضع المختل؛ خصوصاً الأخيرة التي تشهد منذ سنوات اختلالاً في الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث انخفض في يونيو 2022 إلى مستوى قياسي، وإن كان معدل الإبلاغ عن أن وضع نيجيريا على القائمة الرمادية سيمثل خطراً على الاستثمارات والاقتصاد كان أقل بكثير من نظيرتها جنوب إفريقيا؛ لكن على الدولتَين السعي لمعالجة أوجه القصور ووضع المزيد من الضوابط في ما يتعلق بالتدفقات المالية غير المشروعة، لتجنب تخريب سمعتهما الدولية.

اقرأ أيضاً: الإرهاب يهدد العملية الانتخابية في نيجيريا

جرس إنذار

البنك المركزي لجنوب إفريقيا- وكالات

وفي السياق ذاته، شهد الراند (العملة الوطنية لجنوب إفريقيا) انخفاضاً بنسبة 1.5٪ مقابل الدولار بعد الإعلان عن القرار. ويتوقع خبراء ماليون واقتصاديون أن يزيد وجود الدولتَين الإفريقيتَين على القائمة من تكاليف التمويل الأجنبي للحكومتَين ويؤثر على التدفقات التجارية وعلى الجدارة الائتمانية، وهذا ما حذر منه البنك المركزي لجنوب إفريقيا في وقت سابق؛ إذ قال إن الإدراج الرمادي قد تكون له عواقب بعيدة المدى على النظام المالي للبلاد، بما في ذلك إطلاق تدفقات رأس المال والعملات إلى الخارج، وزيادة تكاليف المعاملات المالية والإدارية والتمويل للبنوك.

عبدالقادر حكيم

بينما قلَّل المحلل السياسي المهتم بالشؤون الإفريقية عبدالقادر حكيم، في حديثه إلى (كيوبوست)، من الخطوة، واصفاً إياها بمجرد تنبيه (للاستيقاظ)؛ لحث الدولتَين على بذل المزيد من الجهود وعمل ما يكفي لمنع غسيل وتهريب الأموال، وأضاف أن  دولتَين مثل تركيا والإمارات كانتا على القائمة في أوقات سابقة، ولم يكن لذلك آثار بعيدة المدى على اقتصادهما، لكن ذلك لا يعني عدم التعاون مع مجموعة العمل المالي (FATF) من أجل دعم القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة غسيل الأموال، وإن كان وضع أية دولة على (رمادية) المجموعة لا يؤثر على تقييم تكلفة رأس المال في الأسواق الدولية، مقارنةً بعوامل أخرى؛ مثل مخاطر العملة والتضخم والجدارة الائتمانية، حيث إنه يعتبر مقياساً نوعياً أكثر من كونه مقياساً كمياً، ومجرد وسيلة للإشارة والتنبيه إلى وجود أوجه قصور في قوانين الدولة المعنية، لا أكثر ولا أقل.

اقرأ أيضاً: جيوش موازية… الميليشيات تشكل خطراً على الدول الإفريقية

خروج سريع وآمن

مصنع دانغوت النيجيري- عملاق صناعة الأسمنت في إفريقيا

إلى ذلك، قالت مجموعة العمل المالي إن جنوب إفريقيا ونيجيريا تعهدتا بزيادة التحقيقات في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وضمان مصادرة الأصول ذات الصلة، واتخاذ تدابير أخرى لتعزيز الضوابط وإجراء التعديلات التنظيمية التي تساعد على تضييق الخناق على التدفقات المالية غير المشروعة في الدولتَين.

ويضع التصنيف الأخير أكبر اقتصادَين على قدم المساواة مع دول مثل سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، وسبق أن تم إزالة المملكة المغربية، خامس اقتصاد في إفريقيا، خلال أقل من عام من وضعها عليها، وكذلك دولة موريشيوس التي تمثل أحد الاقتصادات الصاعدة في القارة. وعلى نيجيريا وجنوب إفريقيا النظر إلى هاتين التجربتَين للاستفادة منهما في خروج سريع من القائمة، يختتم حكيم إفادته لـ(كيوبوست).

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان