الواجهة الرئيسيةترجمات
أكاديمي أسترالي يكشف الدافع الحقيقي وراء كل الشرور في العالم
حب المال والجشع سمة بارزة للأفراد والدول في عصر الاستهلاك

ترجمة كيو بوست –
“الطمع في المال، على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الدول، هو الدافع الحقيقي نحو اقتراف الشر”، بحسب عميد البحث العلمي في جامعة مردوخ الأسترالية، البروفيسور بروس وولكر.
وقال وولكر في مقالته المنشورة في مجلة “أميركان ثينكر” الأمريكية إن “الجشع والسعي وراء المال بطرق غير مشروعة لا يقتصر على الأفراد في مختلف المجتمعات، بل هذا ما تمتاز به مختلف الدول، ومن هنا يمكن القول إن المال يشكل معالم السياسة الدولية والحروب”.
اقرأ أيضًا: 5 أمور قد تقودك إلى الرضا والسعادة، فهل تمتلكها؟
لو تطرقنا في بادئ الأمر إلى الموضوع من منظور ديني، سنجد أن الشرائع السماوية كافة حذرت بكل وضوح من حب المال وتناقضه مع مفاهيم القيم الأخلاقية، ونوهت إلى عواقب السعي ورائه بطرق “شيطانية”.
كما وتحدثت النصوص المقدسة في الديانات الرسمية الثلاث عن الأوجه القبيحة لحب المال في الحياة الدنيا، فضلًا عن شرور الأفراد والمجتمعات سعيًا نحو الامتلاك. وقد أشار الخالق في كتابه المقدس إلى أن “عبور جمل من خرم إبرة أسهل من دخول رجل غني إلى السماء”، نظرًا للشرور التي ربما يقترفها سعيًا وراء المال. كما أن “الشيطان يوسوس للناس صراحة، ويحثهم على عدم الاكتفاء بالخبز من أجل العيش. ومع ذلك، الله هو القاضي النهائي لجميع القيم الأخلاقية”.
يبدو أن هوسنا تجاه المال وسوق الأسهم والمفاوضات التجارية والشغف الضريبي قد أصبح اليوم أكثر عمقًا من أي وقت مضى. بل أصبحت النقاشات السياسية مغمورة بصبغة مادية تتناقض مع القيم الإنسانية والفطرة التي خُلقنا عليها. ومن يدري إلى أي مدى قد نذهب في حبنا للمال، قبل أن نعبر إلى أرضٍ روحانية خطيرة حقًا على الجنس البشري؟
هل امتلاك المال أمر سيء؟
امتلاك المال ليس سيئًا، والعمل الجاد لكسب المال ليس سيئًا، لكن السلوك الأخلاقي السليم هو المحرك نحو إنتاج ثروة بشكل طبيعي. في الحقيقة، يصبح حب المال رذيلة عندما ينصبّ هاجس الفرد أو المجتمع ككل على رؤية الأشياء من منظور مادي واقتصادي بحت، وعندما يصبح المال مركز وجودنا بعيدًا عن الضمير الحي. ويبدو أن العالم يتجه نحو هذا المضمار، ويمكن قراءة هذا الشيء بسهولة عند النظر إلى سلوكيات الأفراد المرتبطة بالمادة، وحتى سلوك الدول المحكومة بمصالح اقتصادية، وما ينتج عنها من سياسات ومآسٍ وحروب.
ليس من العدل أن نتحدث عن ثرواتنا الفعلية بالنظر إلى التقدم المحرز في التكنولوجيا وشبكات الرعاية الاجتماعية الآخذة في الاتساع، وعدم تحمل المصاعب الاقتصادية التي عانى منها آباؤنا وأجدادنا العظماء. ويكفينا النظر إلى غالبية الأفراد في العالم، لنعرف حقيقة عيشهم بمستوى فقير مماثل لما كان عليه الناس قديمًا.
الترف والثراء العام في وقتنا الحاضر لم يحافظ على الآداب البشرية، ولم يحقق سعادة حقيقية، بل على العكس، خرج البعض بمعادلة مفادها أن زيادة الأدوات بين أيدينا يقابلها زيادة في الخيارات المتاحة في السوق، وبالتالي ازدياد الأمن الاقتصادي العام. ولكن لو اعتمدنا هذه المعادلة لتكون مركز حياتنا، فقد نصبح أكثر بؤسًا في الداخل.
واستنادًا إلى الدراسات كافة، فإن من يجعل كسب المال مركز حياته لن يحقق الرضى بما لديه على الإطلاق. إن اللهفة للحصول على الثروة هي مخدر ماكر وخبيث، مثل الهيروين أو الأفلام الإباحية، تستهلكنا ولا نستهلكها.
نحن نقايض كل شيء مهم في حياتنا بالمال، ونسخر بصمت من تلك الأشياء التي تهمنا حقًا، بل ونشجع الآخرين على السخرية من هذه الأشياء. أدى بنا هذا الأمر إلى تحول العديد منا إلى “بلغاء” و”سفسطائيين”، يحاولون إثبات أن الذين لا يعبدون الثروة ولا يؤلهون الدولار هم مجرد مغفلين وبسطاء وخارج مسار المجتمع.
اقرأ أيضًا: هذه أكثر 5 دول عربية سعادةً.. هل تسكن في إحداها؟
لقد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للفرد الغربي ضعفين أو ثلاثة أضعاف، لكن غالبيتهم لم يعثروا على الرضى والسعادة مقارنة بالأجيال السابقة. ومع ذلك، نرى سياسات الدول الخارجية مبنية على المصالح المالية فحسب، متأثرة بالتدافع الفردي والشعبي نحو المال، غير آبهين بالسياسة الداخلية تجاه مشاكل أخرى مثل أزمة الأخلاق، والصحة العقلية، والإدمان بأشكاله كافة. ولهذا، لا يمكن تسمية شهوة المال إلا بـ”السعادة الاصطناعية” الطارئة.
إن ما سبق ذكره حقيقة لا يمكن الهروب منها، فهو واقع متعالٍ لا يمكن تجاهله. ومن أجل العثور على القيمة الفطرية لحياتنا، علينا أن نبني الرضى على فضائل عظيمة، بعيدًا عن شهوة المال، مثل الوداعة والإحسان والسلام والحكمة والرحمة والحب والامتنان.
وأنتم، هل تتفقون مع ما يقوله الكاتب؟ شارك المقال مع أصدقائك.
المصدر: مجلة “أميركان ثينكر” الأمريكية