الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية
أفاعٍ وشلالات في قاع “بئر جهنم” الشهيرة في اليمن
كيوبوست- ترجمات
هاري بيكر
قامت مجموعة من مستكشفي الكهوف العمانيين بالنزول للمرة الأولى إلى بئر برهوت، التي تُشتهر باسم “بئر جهنم” في محافظة المهرة في اليمن. وقد أثار نزول هؤلاء المستكشفين إلى البئر اهتمام وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم. نشر موقع “لايف ساينس” مقالاً يتحدث كاتبه هاري بيكر، عن هذه التجربة المثيرة، وعن المفاجآت التي كانت بانتظار فريق المستكشفين في قاع البئر الذي يعتقد كثير من السكان المحليين أنه عبارة عن سجن للجن وبوابة إلى العالم السفلي.
اقرأ أيضاً: التغير المناخي والأوبئة الجديدة.. هل نحن مستعدون؟
يشير بيكر إلى أن فريقاً من عشرة مستكشفين عمانيين كانوا أول مَن هبط إلى قاع البئر الذي يبلغ عمقه 112 متراً. يبلغ قطر فوهة البئر 30 متراً، ويقع في وسط الصحراء. نزل ثمانية من المستكشفين إلى قاع البئر بينما بقي اثنان عند فوهتها، واجتمع حشد من السكان المحليين يراقبون المشهد.
يقول عضو الفريق محمد الكندي، أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عمان: “لقد دفعنا الشغف إلى القيام بذلك، وشعرنا أن هذا الأمر سيكشف عن عجائب جديدة وعن جزء من تاريخ اليمن”.
وفي قاع البئر وجد المستكشفون شلالات مياه وأفاعي وحيوانات ميتة وصواعد ولآلئ الكهوف؛ ولكنهم لم يعثروا على أي جني أو على باب جهنم.
يقول بيكر: حتى الآن لا يُعرف عمر البئر بدقة؛ ولكن يرجح أنها ترجع إلى ملايين السنين، وقد دارت حولها الكثير من الأساطير المحلية؛ إذ يعتقد البعض أنها سجن للجن أو بوابة إلى الجحيم أو أن فوهتها قادرة على سحب مَن يقترب منها أو أنها فوهة بركان قادر على تدمير العالم؛ ولكن الواقع أن بئر برهوت هي حفرة طبيعية نموذجية إلى حد كبير تُعرف باسم “البالوعات”.
اقرأ أيضاً: البروفيسور الدغيري لـ”كيوبوست”: أنهار ومناخات مدارية غمرت وسط السعودية
يقول الخبير الجيولوجي فيليب فان بينين، الخبير في ظاهرة “البالوعات”، إنها تتشكل نتيجة توسع الفراغات الموجودة بين الصخور تحت سطح الأرض، فتنهار الطبقة السطحية فجأة، أو عندما تتسرب الرواسب السطحية إلى فراغات صغيرة تحت الأرض لتشكل منخفضاً يؤدي إلى تشكل الكهوف أو المجاري أو ما يُعرف بالبالوعات. ويعتمد ذلك على نوع خاص من الطبقات الصخرية الجيرية أو الدولوميت القابلة للذوبان في الماء؛ ولكن لسوء الحظ يصعب معرفة كيف ومتى تشكلت هذه “البالوعات” بالضبط.
ثم يعود المقال ليلقي الضوء على مغامرة فريق المستكشفين الذين وجدوا في قاع البئر أرضية وعرة مغطاة بالصواعد التي يبلغ ارتفاع بعضها تسعة أمتار، وكانت أجزاء من الأرضية مغطاة بما يُعرف بلآلئ الكهوف؛ وهي نوع من الصواعد تتشكل نتيجة تقطر المياه الغنية بالمعادن، مثل كربونات الكالسيوم حول نواة ما. وبمرور السنين تنمو المعادن حول هذه النواة لتشكل لآلئ الكهوف. ويرجع سبب ندرة هذه اللآلئ إلى أنها يمكن أن تتشكل فقط عندما تكون الأرضية مسطحة تماماً؛ بحيث لا تتحرك النواة على الإطلاق.
اقرأ أيضًا: العالم تحت الخطر.. بماذا تنبئ درجات الحرارة في قادم السنين؟
يقول بيكر، في مقاله، إن الفريق اكتشف أن الماء ينبثق من العديد من الفتحات الصغيرة في جدار البئر على عمق 65 متراً من سطحها، ليشكل شلالات صغيرة توفر قطرات المياه اللازمة لتشكل الصواعد ولآلئ الكهوف.
كما أفاد المستكشفون أنهم عثروا على عدد من الأفاعي والضفادع والخنافس داخل البئر، وكذلك على العديد من الحيوانات النافقة؛ معظمها من الطيور التي يبدو أنها سقطت في البئر. وقد أدت هذه الجيف المتعفنة إلى صدور الروائح الكريهة التي دفعت السكان المحليين إلى الاعتقاد بأن البئر هي بوابة الجحيم. ولكن محمد الكندي قال لوكالة “فرانس برس”: “لم تكن هنالك رائحة كريهة غامرة داخل البئر”.
وقد قام الفريق بجمع بعض العينات من البئر ربما تساعد في الكشف عن مزيد من المعلومات عن كيفية تشكُّلها. قال الكندي أيضاً لوكالة “فرانس برس”: “لقد جمعنا عينات من الماء والصخور والتربة وبعض الحيوانات الميتة؛ ولكن لا يزال علينا أن نقوم بتحليلها ودراستها”.
ويختم بيكر مقاله بالإشارة إلى أن تقريراً مفصلاً عن استكشاف بئر برهوت سوف يُنشر في الأسابيع المقبلة.
هاري بيكر: كاتب في موقع “لايف ساينس” في المملكة المتحدة، درس علم الأحياء البحرية، ومهتم بالتغيرات المناخية واستكشاف الفضاء والروبوتات والبيئة والمستحاثات.
المصدر: لايف ساينس
