الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
أصل الشر.. تاريخ آلويز هتلر

ترجمات – كيوبوست
ترجمة: نجاة عبد الصمد
في إحدى القرى النمساوية الصغيرة، وفي يوم صيفي من عام 1837، أنجبت امرأةٌ فلاحة، عمرها 42 عامًا، طفلًا.. كان اسم تلك المرأة: ماريا آنّا شيكلجروبر، ولأن ماريا لم تكن متزوجة فقد جاءت ولادة طفلها في ذلك الوقت مصحوبةً بفضيحة.
بالطبع لم تكن ماريا أول امرأة تصحو على نفسها في هكذا مأزق! وكان يمكن أن ترقد حكايتها في أدراج النسيان لو لم يكبر ابنها ويصبح أبًا للرجل الذي يحمل ربما الاسم الأكثر تلوّثًا في التاريخ: “أدولف هتلر”!

أطلقت شيكلجروبر على ابنها اسم: آلويز. وحين لم تثبت أُبوّة رجلٍ ما لآلويز هذا تم تسجيله كولدٍ مجهول الأب وبقي كذلك إلى أن صار عمره خمس سنوات حين تزوجت ماريا بفلاح من عائلة “هيدلر”، لم يمانع في أن يمنح اسم عائلته لابن زوجته؛ ليصبح اسم الولد: آلويز هيدلر.
اقرأ أيضًا: ترجمات: من تاريخ التجارب العلمية على البشر.. كيف سخَّر النازي العلمَ لخدمة الشر؟
من آلويز هيدلر إلى آلويز هتلر
بعد وفاة والدته في عام 1847، غادر والد آلويز وتركه في عهدة أخيه يوهان نيبوموك هيدلر، الذي اصطحب آلويز معه إلى حيث يُقيم في فيينا. وبرعاية العم يوهان ودعمه تمكَّن آلويز من أن يشغل وظيفة وكيل جمركي رسمي. لاحقًا تمكَّن يوهان، الذي لم يكن لديه أطفال، من إقناع المسؤولين الرسميين أن ابن أخيه هذا هو وريثه وحامل اسم العائلة، وفي أثناء التسجيل الرسمي حدث خطأٌ إملائي صغير في كتابة الاسم ليصبح: “آلويز هتلر”.
اقرأ أيضًا: الجرح النازف في قلب أوروبا ما بعد هتلر

شاع عن صاحب الاسم الجديد آلويز هتلر ولعه بالنساء، وكانت لديه فعلًا ابنة غير شرعية عندما تزوج من امرأة غنية ومريضة تكبره في العمر بأربعة عشر عامًا. استغل آلويز مرض زوجته ليوظف لديه في المنزل خادمتَين شابتَين وجميلتَين تساعدانه في أعمال المنزل: الأولى فرانسيسكا ماتسيلبيرغر، أما الثانية فكانت ابنة عمه كلارا البالغة من العمر ستة عشر عامًا. كان آلويز هتلر يعاشر هاتين المرأتين القاطنتَين تحت سقف بيته ولا يأبه بزوجته المريضة التي أخيرًا وبعد طول معاناتها معه طلبت الطلاق منه عام 1880. بعد الطلاق أراد آلويز هتلر فورًا أن يتزوج بابنة عمه كلارا، ولكن قرابتهما اللصيقة أعاقت تسجيل الزواج قانونيًّا؛ فلجأ آلويز إلى طلب إذن الزواج من أسقف الكنيسة.
اقرأ أيضًا: المرأة في الحرب العالمية الثانية.. فرصة لاكتشاف الذات
أنجب الزوجان ثلاثة أبناء ماتوا في طفولتهم المبكرة، قبل أن يولد لهما عام 1889 الصبي الذي كُتبت له الحياة وسجلاه باسم آدولفوس هتلر.
والد الفوهرر

كان آلويز هتلر أبًا صارمًا يضرب أولاده ويطالبهم بالطاعة المطلقة. وصفه أحد زملائه مرّة بأنه: “شخص صارمٌ ومتطلب ومتحذلق وعنيد للغاية”، “وكان يهوى التقاط الصور الشخصية لنفسه”. أما آلويز الصغير، الأخ غير الشقيق لآدولف، فقد وصف أباه بأنه: “رجل ليس لديه أصدقاء، رجلٌ بلا قلب”.
اقرأ أيضًا: الحروب الضالة للإسلاميين: قاتلوا مع هتلر والناتو ثم مع أردوغان و”الطورانية”!
“لم أحب أبي يومًا. كنتُ فقط أخاف منه”
أدولف هتلر
على عكس كلارا، التي كانت تحب ابنها بجنون، كان آلويز يعاقب ابنه آدولف بقسوة لأبسط الأسباب. يستذكر هتلر في ما بعد كيف أنه في لحظة ما: “قرّرتُ أن لا أبكي أبدًا عندما يضربني أبي، ومن يومها توقَّف أبي عن ضربي”. مات آلويز هتلر فجأة عام 1903؛ بسبب نزيف في الصدر، وكان لابنه آدولف يومها من العمر 14 عامًا. بوفاة والده تحرَّر هتلر وأصبح بإمكانه تحقيق حلمه في أن يصبح فنانًا، وفي أن يستمتع بتدليل أُمِّه المستعدة لتلبية رغباته كما نزواته.

ومع أن هتلر صرَّح لاحقًا: “لم أحب أبي يومًا. كنتُ فقط أخاف منه”؛ إلا أن تشابهًا عجيبًا جمع بين الأب والابن في أمور كثيرة، منها نوبات الغضب الفالت من أي عقال، ومنها أن الفوهرر استخدم زوجته كما فعل أبوه من قبله؛ لتحقيق مآربه.
المصدر: جلافتيما روسيا