الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

أشهر أغاني رمضان… وراء كل أغنية قصة وعادة

تقاضى عبد المطلب مقابل أداء أغنية "رمضان جانا" ستة جنيهات، في وقتٍ كانت تعاني البلاد من كساد خلال الحرب العالمية الثانية. ولحن الأغنية الموسيقار محمود الشريف، في حين كتب كلماتها المؤلف حسين طنطاوي

كيوبوست

صارت الأغاني علامة مميزة في شهر رمضان، بعدما أنتجت هيئات البث العربية طوال القرن الماضي، عشرات الأغاني، منها ما احتفل بقدوم الشهر الفضيل، وأخرى عبّرت عن عادات الشهر وطقوسه، فيما استهدف بعضها الأطفال، وكان وراء تلك الأغاني وقصص وحكايات لا تقل جمالاً عنها.

أغنيتا رمضان الأشهر

تتزاحم أغنيتان رمضانيتان مصريتان على مكانة أغنية رمضان الأشهر، أقدمهما “وحوي يا وحوي… إياحة”، التي صدرت عام 1937م، للشاعر المصري حسين حلمي المانسترلي، وغناها الموسيقي أحمد عبد القادر، وظلّت أشهر أغانيه.

واستوحى المانسترلي مطلع كلمات أغنيته من الهتاف الفرعوني: “وحوي يا وحوي إياحة”، الذي كان يطلقه سكان مصر القديمة، مرحبين بملكتهم “إياح حتب”، التي قُتل زوجها وابنها الأكبر في الحرب ضد قبائل الهكسوس الغازية، ثم انتصرت وابنها أحمس الأول على تلك القبائل.

 وتعني كلمة “وحوي” بالهيروغليفية “مرحبا”، فيما تشير كلمة “إياحة” إلى اسم الملكة إياح، وتعني القمر، وبذلك تعني جملة “وحوي يا وحوي إياحة”: “مرحبا مرحبا بالقمر”، في إشارة إلى هلال رمضان.

أما الأغنية الثانية فهي الأغنية الرمضانية ذائعة الانتشار، التي تتم العام الحالي الثمانين من عمرها؛ “رمضان جانا”، وحول شهرتها قال مغنيها محمد عبد المطلب، إنه لو أخذ جنيها عن كل مرة أذيعت فيها لأصبح مليونيراً.

كما أن “رمضان جانا” لم تكن بالأساس من نصيب عبد المطلب، بل كان من المفترض أن يغنيها عبد القادر صاحب أغنية “وحوي يا وحوي”، لكن هيئة الإذاعة المصرية رفضت أن يغني مطرب واحد أكثر من أغنية لرمضان، فذهبت الأغنية إلى عبد المطلب.

أغنية رمضان جانا

وتقاضى عبد المطلب مقابل أداء الأغنية ستة جنيهات، في وقتٍ كانت تعاني البلاد من كساد خلال الحرب العالمية الثانية. ولحن الأغنية الموسيقار محمود الشريف، في حين كتب كلماتها المؤلف حسين طنطاوي.

عادات وابتهالات

قدمت العديد من الدول العربية أغاني رمضانية، تعكس العادات المنتشرة في كل بلد، منها الأغنية الكويتية “عادت عليكم”، التي خرجت في بداية السبعينيات من القرن الماضي، بطلب من مدير تلفزيون الكويت آنذاك محمد السنعوسي، الذي أراد إعداد برومو غنائي خاص للإعلان عن برامج الشهر الفضيل على تلفزيون الكويت، وأوكل السنعوسي كتابة الكلمات للشاعر بدر بورسلي فيما وقع الاختيار على الملحن غنام الديكان لتلحين الأغنية.

وترتبط الأغنية بعادة القرقيعان في الخليج العربي، ففي ليالي منتصف رمضان يخرج الأطفال حاملين أكياس خاطتها أمهاتهم، ليحصلوا على القرقيعان التي يحضرها أصحاب الدكاكين، وتتكون من المكسرات المتنوعة والفواكه المجففة.

وتتشابه عادة القرقيعان مع عادة تنتشر في العراق، حيث يجوب الأطفال المنازل بعد الإفطار للحصول على الحلوة، وهي عادة تعبّر عنها الأغنية الرمضانية العراقية: “ماجينا يا ماجينا حِلّي الچيس وانطينا، تنطونا لو ننطيكم، بيت مكة نوديكم”.

أغنية ماجينا يا ماجينا

أما اليمنيون، فيستقبلون رمضان بأشهر أغانيهم المرحبة به “يا حيا رمضان”، فيما يترافق رمضان في سوريا مع الأناشيد الدينية، أبرزها “رمضان تجلّى وابتسم”، التي كان يؤديها المنشد المخضرم توفيق المنجد، والتي اعتاد السوريون على الاستماع إليها قبل الإفطار والسحور، إضافة إلى أنشودة “يا فرحتي بلقاك بعد زمان” للمنشد الراحل حمزة شكور وفرقته، وكانت تبث من الجامع الأموي في دمشق، قبل أذان صلاة المغرب، إضافة إلى ابتهال أسماء الله الحسنى التي كان يؤديها الراحل صباح فخري، ويؤديها أيضا الفنان لطفي بوشناق في تونس، حيث تنتشر الابتهالات خلال رمضان.

أنشودة رمضان تجلى وابتسم

أغاني الأطفال في رمضان

يستحوذ الأطفال على حصةٍ وفيرة من أغاني رمضان، فقد كتبت الشاعرة المصرية نبيلة قنديل أبرز أغاني رمضان الموجهة للأطفال؛ “أهو جِه يا أولاد”. وسرد الإعلامي الراحل وجدي الحكيم، قصة الأغنية، التي انطلقت عام 1959م، فبعد الموافقة على كلماتها، من قبل لجنة النصوص بالإذاعة برئاسة الشاعر أحمد رامي، قام الموسيقي محمد حسن الشجاعي، المشرف على الإنتاج الإذاعي آنذاك، باختيار المطرب والملحن. ووقع الاختيار على زوج قنديل؛ الموسيقار علي إسماعيل لتلحين الأغنية.

فيما ارتأى الشجاعي، وفقاً للحكيم، أنّ الأغنية يجب أن تغني بشكلٍ جماعي، وليس من قبل مطرب واحد، فأسندها إلى فرقة “الثلاثي المرح”، كما لفت إلى أن تسجيل الأغنية استغرق ساعتين.

في حين بلغت تكلفة الأغنية 160 جنيهاً، إذ تقاضى إسماعيل 20 جنيهاً مقابل تلحين الأغنية، فيما حصلت فرقة الثلاثي المرح على 140 جنيهاً، كما قدّمت فرقة الثلاثي المرح، التي ظهرت خلال خمسينيات القرن الماضي، وضمت وفاء مصطفى وصفاء لطفي وسناء الباروني، أغاني أطفال رمضانية أخرى، مثل “افرحوا يا بنات”، و”سبحة رمضان”.

أغنية أهو جِه يا ولاد

ولا يمكن الحديث عن أغاني الأطفال الرمضانية وفي ذات الوقت إغفال محمد فوزي ملحن “ماما زمنها جاية”، و”ذهب الليل”. فقد لحن فوزي أغنية “هاتوا الفوانيس يا ولاد”، التي تسرد عادات رمضان، ومن ضمنها تعليق الفوانيس، ولم يتقاضَ أجراً على تلحينها.

أغنية هاتوا الفوانيس يا ولاد

وفي ثمانينيات القرن الماضي، بينما كانت لبنان ترزح تحت الحرب الأهلية، أصدر الموسيقي اللبناني أحمد قعبور، إحدى ألطف أغاني رمضان للأطفال؛ أغنية “علّوا البيارق”، وغناها أطفال دار الأيتام الإسلامية في بيروت.

أغنية علّوا البيارق

واستوحى قعبور الأغنية من طفولته، فلمّا كان طفلاً صغيراً أراد أن يجاري الكبار بأن يستيقظ ويتسحر، وفي مرة أوقف جدُّه صوتَ المنبه حتى لا يستيقظ، لكن صوت المسحراتي أسعفه فقام من نومه خلال السحور، ولمّا كبر جسَّد تلك اللحظة بأغنية علّوا البيارق.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة