الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دوليةشؤون عربية

أسئلة حول الاتفاق السعودي- الإيراني

كيوبوست – ترجمات

بن هوبارد وشاشانك بنجالي

اتفق الخصمان الإقليميان على إعادة العلاقات الدبلوماسية في اتفاق توسَّطت فيه الصين؛ يمكن أن يتردد صداه في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءه، وقد يؤدي إلى إعادة اصطفاف كبير في الشرق الأوسط. كما أنه يمثل تحدياً جيوسياسياً للولايات المتحدة وانتصاراً للصين التي توسَّطت في المحادثات بين الخصمَين اللدودَين.

التنافس بين الدولتَين الخليجيتَين متجذِّر بعمق بشأن خلافات دينية وسياسية؛ بحيث إن الانخراط الدبلوماسي البسيط قد لا يكفي للتغلب عليها.

في ما يلي نظرة على بعض الأسئلة الرئيسية المحيطة بالصفقة.

ما أهمية هذا الاتفاق؟ 

قد يؤدِّي الانخراط الدبلوماسي الجديد إلى تطورات متسارعة في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط وخارجه من خلال الجمع بين المملكة العربية السعودية، الشريك الوثيق للولايات المتحدة، مع إيران، العدو اللدود الذي تعتبره واشنطن وحلفاؤها تهديداً أمنياً ومصدراً لعدم الاستقرار العالمي.   

لا يتضح على الفور كيف سيؤثر الاختراق، الذي أُعلن عنه يوم الجمعة، على مشاركة السعودية في الجهود الإسرائيلية والأمريكية لمواجهة إيران؛ لكن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين القوتَين الإقليميتَين يمثل على الأقل ذوباناً جزئياً لجليد حرب باردة شكَّلت الشرق الأوسط منذ فترة طويلة. 

بموجب الاتفاق الجديد ستعود العلاقات الدبلوماسية بين البلدَين

ما التأثيرات المحتملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط؟

التنافس السعودي- الإيراني أجَّج الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ بما في ذلك في العراق ولبنان وسوريا واليمن. وقد حدث ذلك بشكل كارثي في اليمن؛ حيث تدخلت السعودية في اليمن لتقويض المكاسب التي حققها المتمردون المدعومون من إيران. وقد رد المتمردون بإطلاق صواريخ متطورة بشكل متزايد وطائرات مسلحة دون طيار على المدن والمنشآت النفطية السعودية. وفي حين فاجأ الاتفاق الذي أُعلن عنه يوم أمس الجمعة العديد من المراقبين، كان رؤساء المخابرات السعودية والإيرانية يجتمعون في العراق في السنوات الأخيرة؛ لمناقشة الأمن الإقليمي. هذا الانخراط الدبلوماسي الرسمي قد يوفر سبلاً للقوتَين الإقليميتَين لإحراز مزيد من التقدم على صعيد “تبريد” بؤر التوتر الإقليمية.

ما دور الصين في هذا الاتفاق؟ 

أعلنت إيران والسعودية الاتفاقَ بعد محادثات استضافتها الصين. وتحافظ بكين على علاقات مع كل من دول الشرق الأوسط، ويُسلِّط هذا “الاختراق” الضوءَ على نفوذها السياسي والاقتصادي المتنامي في المنطقة، الذي تشكَّل منذ فترة طويلة من خلال نفوذ الولايات المتحدة.

لقد سبق أن أعرب زعماء المنطقة عن تقديرهم لسياسة “عدم التدخل” في شؤون الدول الأخرى التي تنتهجها الصين؛ حيث تتجنب انتقاد سياساتهم الداخلية وليس لديها تاريخ في إرسال جيشها للإطاحة بالأنظمة التي تراها مارقة، ويعكس الإعلان أيضاً رغبة الصين في لعب دور دبلوماسي أكبر على الساحة العالمية.

 

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ- أرشيف

التأثيرات المحتملة على الولايات المتحدة

أثارت أنباء الصفقة؛ خصوصاً دور بكين في التوسُّط فيها، قلق صقور السياسة الخارجية في واشنطن؛ حيث اعتبرها البعض “خسارة كبيرة للمصالح الأمريكية”، حسبما قال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات. وأضاف دوبويتز أن ذلك يُظهر أن السعودية تفتقر إلى الثقة في واشنطن، وأن إيران يمكن أن تبعد حلفاء الولايات المتحدة لتخفيف عزلتها، وأن الصين “أصبحت الدولة الرئيسية التي ترتب سياسات القوة في الشرق الأوسط”. 

ولكن إذا نجح الاتفاق في تخفيف التوترات في المنطقة؛ فقد يكون ذلك جيداً في نهاية المطاف لإدارة بايدن، نظراً لأنها تريد التركيز على الحرب في أوكرانيا والتنافس الحاد بين القوى العظمى والصين.

وقد رفض البيت الأبيض فكرة أن الصين تملأ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ حيث قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: “ندعم أي جهد لتهدئة التوترات في المنطقة”؛ لكنه شكك في التزام إيران بالتقارب الحقيقي: “يبقى أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيحترمون الاتفاق من جانبهم.. هذا ليس نظاماً يحترم كلمته عادةً؛ لذلك نأمل أن يفعلوا ذلك”.

الأمير محمد بن سلمان -ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- والرئيس بايدن خلال زيارته إلى السعودية في يوليو 2022

التأثيرات المحتملة على إسرائيل 

أثارت هذه الأخبار الدهشة والقلق في إسرائيل. وفي حين يرى القادة الإسرائيليون إيران كعدو وتهديد وجودي؛ فإنهم يعتبرون السعودية شريكاً محتملاً. ورغم أنهم كانوا يأملون في أن تساعد المخاوف المشتركة من طهران إسرائيل على إقامة علاقات مع الرياض؛ فقد قال محللون إسرائيليون إن الاتفاق ليس كارثياً تماماً على المصالح الإسرائيلية. وفي حين أنه يقوِّض الآمال الإسرائيلية في تشكيل تحالف إقليمي ضد إيران؛ فإنه قد يسمح بتعاون أكبر بين السعودية وإسرائيل، إذ قد تستمر السعودية في النظر إلى إيران كخصم، ولا يزال بإمكانها النظر في شراكة أوثق مع إسرائيل؛ خصوصاً في القضايا العسكرية والأمن السيبراني، كطريقة أخرى لتخفيف هذا التهديد.

ما العقبات التي قد تحول دون ذوبان الجليد الحقيقي في العلاقات؟ 

السعودية وإيران زعيمان عالميان لأكبر طائفتَين إسلاميتَين؛ حيث تعتبر المملكة نفسها الوصي على السُّنة، وتضطلع إيران بدور مماثل للشيعة. وينتقد قادة طهران بشكل روتيني علاقات السعودية الوثيقة مع واشنطن. وفي محاولة لتعزيز أمنها ونفوذها، استثمرت إيران بكثافة في بناء شبكة من الميليشيات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة؛ ما تعتبره المملكة تهديداً ليس فقط لأمنها، ولكن للنظام الإقليمي الأوسع أيضاً.

من بين مجالات الخلاف الصارخ الأخرى دور الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان، التي تدعمها إيران لتعزيز نفوذها الإقليمي. كما أن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أراد السعوديون المساعدة في الإطاحة به وساعدت إيران في إبقائه في السلطة، هو خط خلاف آخر. وتعد كيفية حل الصراع في اليمن نقطة خلاف رئيسية أخرى.

جاء الاتفاق بعد مفاوضات ماراثونية ممتدة

ما الدوافع المحتملة وراء الخطوة السعودية؟ 

على مدار عقود، كانت السياسة الخارجية للسعودية متوقعة نسبياً؛ لكن ولي العهد محمد بن سلمان، قلب تلك التوقعات رأساً على عقب عندما بدأ صعوده إلى السلطة عام 2015. وقد أظهر مؤخراً نهجاً أكثر براجماتية؛ حيث رأب الصدع مع قطر، وخفَّف التوترات مع تركيا، وواصل محادثات السلام في اليمن.

تحرُّك الأمير نحو المصالحة الإقليمية مدفوع جزئياً بالتحديات التي يجابهها في الداخل، بينما يحاول إصلاح كل جانب من جوانب الحياة تقريباً في المملكة. كما أن تهدئة التوترات الإقليمية أمر أساسي لتحقيق “رؤية 2030” للسعودية؛ لكنها مدفوعة أيضاً برغبته في تحويل المملكة إلى قوة عالمية وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.

هذا لا يعني استبدال الولايات المتحدة، التي لا تزال تزوِّد المملكة بالغالبية العظمى من الأسلحة والأنظمة الدفاعية، على الأقل ليس في أي وقت قريب؛ لكن الأمير يبحث عن طرق لبناء علاقات أعمق مع القوى العالمية الأخرى، مثل الصين والهند وروسيا.

المصدر: نيويورك تايمز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة