الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

أزمة “كورونا” تثقل كاهل الاقتصاد القطري.. ومراقبون يتوقعون الأسوأ

عبدالله الجنيد لـ"كيوبوست": المفاضلة بين كبرياء الدوحة السياسي ودمارها الاقتصادي ستقود إلى انكشاف سياسي لا اقتصادي فقط على المستوى الوطني

كيوبوست

يواجه الاقتصاد القطري أزمة طاحنة على خلفية تداعيات انتشار فيروس كورونا. فعلى الرغم من أن حجم الخسائر الاقتصادية العالمية كبير؛ فإن التأثير يبدو مضاعفًا على الدوحة التي تواجه في الأصل مشكلات متراكمة منذ سنوات؛ بسبب التداعيات السياسية والاقتصادية الناجمة عن سوء إدارة النظام في الدوحة لكل الملفات إقليميًّا ودوليًّا.

اقرأ أيضًا: ملاعب كأس العالم في قطر تُشيد فوق جماجم البشر

ركود متوقع

د.مصطفى أبو زيد

تشير التوقعات إلى أن خسائر الاقتصاد العالمي المتوقعة حتى الآن تصل إلى 2,7 تريليون دولار؛ وهي أرقام مرشحة للزيادة في حال طالت الأزمة، لكن كل دولة ستتأثر حسب طبيعة استثماراتها، والاقتصاد القطري يعاني حتى من قبل ظهور أزمة فيروس كورونا. وبالتالي سيكون وضعه مختلفًا كما يؤكد الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، لافتًا إلى أن هذه الأزمة ستزيد من الأعباء المالية على الموازنة القطرية.

وحسب “رويترز” باعت قطر سندات بقيمة عشرة مليارات دولار على ثلاث شرائح، منتصف الأسبوع الجاري؛ حيث أفادت نشرة الاكتتاب في السندات أن جائحة فيروس كورونا المستجد قد تواصل إلحاق الضرر باقتصاد قطر وأسواقها المالية، وقد تؤدي إلى تسجيل ركود هذا العام.

اقرأ أيضًا: قطريون يتساءلون: لماذا تهمل حكومتنا جامعة قطر وتغدق المليارات على الجامعات الأمريكية؟!

أحمد شمس الدين

بالإضافة إلى ذلك فإن قطاعات كبيرة ومهمة لقطر سوف تتأثر سلبًا؛ على رأسها صادرات الطاقة والغاز والسياحة وشركة الطيران القطرية والعقارات والبنوك، وجميعها قطاعات مهمة للاقتصاد القطري، فضلًا عن الضرر الناتج من انخفاض أسعار الطاقة وتوقف السياحة وحركة الطيران، حسب الباحث الاقتصادي أحمد شمس الدين، خلال تصريحه إلى “كيوبوست”.

وتكبَّدت الخطوط الجوية القطرية خسائر مالية كبيرة خلال الفترة الماضية؛ بسبب استخدام مسارات أطول وأعلى في التكلفة على خلفية المقاطعة العربية، بينما قامت بتخفيض 40% من الموظفين في مطار حمد الدولي؛ بسبب فيروس كورونا، حسب “بلومبرج”.

وصرَّح الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، إلى وكالة “رويترز”، في وقت سابق، بأن الشركة قد تطلب مساعدة حكومية مع قرب نفاد السيولة الضرورية لتسيير الرحلات، وسط ترقب لميزانية الشركة عن العام المالي الماضي والمتوقع أن تواصل تسجيل خسائر كبيرة فيها للعام الثالث على التوالي.

الخطوط الجوية القطرية من أكبر الخاسرين – أرشيف

استنزاف المخزون

عبدالله الجنيد

الحكومة القطرية اعتمدت على صندوقها السيادي في تعويم البورصة القطرية منذ الربع الثالث من عام 2017، وكذلك هي الحال من توفير السيولة لبنوكها الوطنية للحيلولة من الانكشاف الائتماني، حسب الكاتب والمحلل السياسي البحريني عبدالله الجنيد، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، مؤكدًا أن تراجع إيرادات الدوحة من الغاز نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي ودخول منافسين للغاز في الأسواق الآسيوية، فضلًا عن عدم تجديد العقود طويلة الأمد، أدى إلى المزيد من الضغوط على الاقتصاد القطري، في تمويل كلفة تشغيل البنية التحتية وإتمام ما تعهدت به للاتحاد الدولي لكرة القدم، استباقًا لمسابقات كأس العالم المزمع انعقادها في 2022.

وكانت موازنة قطر لعام 2020 قد اعتمدت على متوسط سعر برميل النفط عند مستوى 55 دولارًا للبرميل، مع تقدير إجمالي الإيرادات عند 211 مليار ريـال؛ أي ما يعادل 57,95 مليار دولار، وهو ما لم يعد قائمًا مع انخفاض أسعار النفط بأكثر من 30% عن هذه الأرقام خلال الفترة الحالية؛ نتيجة تراجع الطلب العالمي.

إحدى محطات الغاز في قطر – أرشيف

تُقَدَّر الاحتياطات القطرية من النقد الأجنبي بما يقارب 17 مليار دولار، في حين كانت تقارب 30 مليار دولار نهاية 2018، أما صندوقها السيادي فيقدر بـ320 مليار دولار، حسب تقرير صادر عن “بلومبرغ” عند نهاية 2019. وحسب الجنيد فإن “المؤشرات كافة تشير إلى عدم قدرة الحكومة القطرية على مواصلة تمويل النفقات كافة، مع ما تمخضت عنه جائحة كورونا من نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي وتقلُّص الطلب على النفط والغاز”.

اقرأ أيضًا: قطر تدفع مقابل صمت العالم

عجز موازنة

وأقرت قطر موازنة 2020 بإنفاق هو الأعلى منذ 5 سنوات؛ حيث ارتفعت المصروفات التقديرية بنسبة 1,9%، لتصل إلى 210,5 مليار ريـال، مقارنة بـ206,6 مليار ريـال في موازنة العام الماضي، مع توقع تسجيل فائض يُقدر بنحو 500 مليون ريـال.

واعتمدت الحكومة القطرية مصروفات للمشروعات الرئيسية بتكلفة 90 مليار ريـال؛ لكن نشرة السندات الأخيرة تضمنت إرجاء عقود غير ممنوحة لمشروعات إنفاق رأسمالي بما قيمته 8,2 مليار دولار؛ أي ما يعادل ثُلث المخصص في الميزانية تقريبًا.

عمال في منشآت قطرية- “رويترز”

ويؤكد شمس الدين تأثُّر أغلب مؤشرات الاقتصاد الكلية، في ضوء استمرار أزمة “كورونا” وتعطُّل الإنتاج والحياة كما في أغلب دول العالم، متوقعًا أن يحقق النمو الاقتصادي لقطر انكماشًا مع زيادة معدلات التضخم؛ خصوصًا الغذائية التي تعززها المقاطعة العربية وتوقف إمدادات الغذاء منها.

ويعتبر الخبير الاقتصادي أن معدلات البطالة ستتأثر أيضًا؛ لكن ليس كثيرًا بالضرورة مع الدعم الحكومي للقطاع الخاص، بالاستناد إلى احتياطات مالية ضخمة؛ لكن من الطبيعي أن يعود كثير من العمالة الأجنبية إلى بلدانها؛ خصوصًا العمالة في قطاع الإنشاءات، بالتزامن مع تعطل العمل في كامل البلاد وتوقف مداخيلهم وحاجتهم إلى الإنفاق؛ وهو الوضع الذي سيتغير مع عودة الحياة إلى طبيعتها وانتهاء أزمة “كورونا”.

 شاهد: فيديوغراف.. مشكلات وأزمات مستمرة للخطوط الجوية القطرية

أزمات وانكماش

وانكمش الاقتصاد القطري، حسب بيانات رسمية في الربع الأخير من 2019، بنسبة 0,6%، مقارنةً مع نفس الفترة من عام 2018، بينما انكمش الناتج المحلي بنسبة 1,4% خلال نفس الفترة، مقارنةً بالربع الثالث بالأسعار الثابتة.

وحسب مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، فإن سياسة التدخل الحكومي لإنقاذ البورصة من الانهيار والمتبعة من قِبَل الحكومة القطرية ستكون مفيدة، عندما تكون هناك رؤية مستقبلية بإمكانية جذب مستثمرين لشراء الأسهم في المستقبل، لكن في الدوحة الأمر يحمل مخاطرة كبيرة؛ لأن الرؤية المستقبلية غير واضحة بشكل كامل، خصوصًا على المستوى السياسي؛ وهو ما يحمل مخاطرة لأي مستثمر أجنبي، ومن ثَمَّ فإن هذا التدخل لا يعدو كونه استنزافًا للاحتياطي.

ربما ستكون للواقع الكلمة الفصل في الخيارات المتاحة أمام الدوحة، حسب الجنيد الذي يرى أن “المفاضلة بين كبريائها السياسي ودمارها الاقتصادي ستقود إلى انكشاف سياسي لا اقتصادي فقط على المستوى الوطني”.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة