الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

أزمة عودة المقاتلين اللبنانيين إلى بلادهم.. عجز حكومي يدفع إلى اللا عودة!

يواجه اللبنانيون الراغبون في العودة إلى بلادهم إشكالية غياب الأطر القانونية التي تستوعب وضعهم في ظل هشاشة الدولة وأزماتها السياسية المتلاحقة

كيوبوست

تثير رغبة مئات المقاتلين اللبنانيين في التنظيمات الجهادية بسوريا، خصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية، في العودة إلى بلادهم، حالةً من القلق في الأوساط اللبنانية، وهو ما سلطت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، الضوءَ عليه في تحقيق موسع أبرزت من خلاله عجز الدولة اللبنانية عن التعامل مع الجهاديين العائدين من سوريا.

وحسب الصحيفة الفرنسية، فإن نحو 300 على الأقل يريدون العودة إلى لبنان من أصل نحو ألف شخص انخرطوا في أعمال القتال؛ بعضهم قُتل والبعض الآخر لا يزال مستمراً في القتال، مشيرةً إلى غياب الأطر القانونية التي تسمح بآلية للتعامل معهم ووضعهم في السجون من دون محاكمة لفترة طويلة؛ مما يدفع بعضهم للعودة إلى سوريا.

ولا توجد إحصائية دقيقة بشأن أعداد اللبنانيين المنخرطين في تنظيم داعش خلال السنوات الماضية؛ لكن تقارير أمنية لبنانية تضمنت مئات الأشخاص الذين اختفوا من منازلهم وسافروا إلى سوريا والعراق؛ بعضهم تواصل مع أهله والبعض الآخر لم يقُم بالتواصل، في وقت لم يعرف فيه مصير قطاع عريض منهم؛ سواء أكانوا قُتلوا أم لا يزالون منخرطين في الأعمال العسكرية التي يقوم بها التنظيم.

اقرأ أيضًا: تهديد المقاتلين الأجانب اليمينيين المتطرفين الذي لم يحدث

مشكلة بلا حلول

بالطبع هناك مشكلة واضحة في التعامل مع أي شخص يكون عائداً من تنظيم الدولة الإسلامية، حسب النائب السابق في البرلمان اللبناني مصطفى علوش، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن وضع العائدين من تنظيم داعش معقد، ولا توجد آلية في الدولة اللبنانية للتعامل مع وضعهم؛ لا من الناحية القانونية ولا النفسية والاجتماعية في ظل الانهيار الكامل للدولة المستمر منذ سنوات.

مصطفى علوش

وأضاف أن وضع العائدين من تنظيم داعش أعقد بكثير من وضع العائدين المقاتلين مع بعض الفصائل المسلحة في سوريا، لافتاً إلى أن جزءاً رئيسياً من مشكلة عودة المنخرطين في تنظيم داعش هو عدم وجود مكان لاستيعابهم على الأراضي اللبنانية حتى داخل السجون.

أياً ما كان ما فعله هؤلاء الشباب فهم مواطنون لبنانيون، حسب الكاتب اللبناني أسعد بشارة، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الوضع يحتاج إلى معالجة إنسانية وسياسية بشكل حرفي تفتقده الدولة اللبنانية خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن بلاده ليس لديها الإمكانات والقدرات اللوجستية التي تمكنها من التعامل مع هذه الإشكالية الخطيرة.

عناصر متطرفة- أرشيف
أسعد بشارة

وأضاف أن وضع المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية يواجه إشكالية كبرى في طريقة العودة ومدى رغبتهم في بدء صفحة جديدة بحياتهم، فضلاً عن الجانب الإنساني في الأمر؛ وهو ما يفرض ضرورة لوجود مساعدة دولية وعربية للبنان من أجل التعامل مع هذا الأمر.

أوضاع صعبة

يشير علوش إلى أن السجون اللبنانية لا يوجد بها مكان لاستيعاب أي شخص إضافي في ظل الأوضاع الإنسانية والمعيشية السيئة بداخلها وحالة الاكتظاظ الموجودة بصورة غير مسبوقة، لافتاً إلى أن القبول بعودة البعض وإدخالهم السجون سيكون بمثابة تهديد للأمن.

يتفق معه في الرأي أسعد بشارة، الذي يشدد على أن السجون في لبنان تحولت إلى قنبلة موقوتة؛ بسبب الاكتظاظ الموجود بداخلها وعدم القدرة على توفير المعايير التي يجب أن يتمتع بها المسجون، مشيراً إلى أن حتى هؤلاء الشباب الراغبين في العودة إذا تم وضعهم بالسجن مؤقتاً يجب أن يكون سجناً مختلفاً عن الذي يوجد فيه السجناء الجنائيون؛ وهو أمر ليس موجوداً أو هناك نية لتوفيره في الفترة المقبلة.

اقرأ أيضًا: داعش سوريا.. جيل جديد من الإرهابيين!

وحسب تقارير إعلامية، فإن السجون اللبنانية التي يصل عددها إلى 25 سجناً تعاني الاكتظاظ بالمحبوسين؛ وأبرزها سجن رومية الذي يضم 3700 سجين في وقت لا تتجاوز فيه قدرته الاستيعابية 1500 سجين، وفي وقت زاد فيه عدد المحبوسين بالسجون على خلفية تعطل المحاكمات؛ مما زاد من أعداد الموقوفين على ذمة القضايا، فضلاً عن توقف عمل لجنة تخفيض العقوبات منذ بداية العام.

سجن رومية شرق بيروت – المصدر: دويتش فيله

تجاهل حكومي

يقر علوش بأن عجز الدولة عن التعامل مع هذا الملف سيجعل من الصعب إعادة الراغبين في العودة حتى مع تحركات عائلاتهم؛ وهو ما يرجح عودتهم إلى الانخراط في التنظيم باعتبار أنه البديل الوحيد الذي لا يوجد غيره أمامهم، وهو ما يتطلب مساعدة دولية للبنان من أجل عمل إقرار خطة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص.

وأضاف أن هناك تجاهلاً حكومياً لهذا الملف المهم وعدم وجود تصورات أو طروحات حكومية لمعالجته أو التعامل معه على الرغم من خطورة هذا الملف مع صعوبة التمييز بين مَن أرادوا مراجعة مواقفهم بشكل حقيقي ومَن لم تتغير أفكارهم ويشكلون خطورة على الدولة حال عودتهم.

يختتم مصطفى علوش حديثه بالتحذير من العودة غير المنضبطة لهؤلاء الأفراد وما يشكله الأمر من خطورة حقيقية على الأمن بلبنان في وضع لم تعد فيه الأجهزة الأمنية بأفضل أحوالها.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة