شؤون عربية

أزمة برلمان الجزائر: الإخوان يشجعون على الفوضى في معركة خلافة بوتفليقة

لماذا اتخذ الإخوان في الجزائر موقفًا سلبيًا من أزمة البلاد البرلمانية؟

كيو بوست – علي ياحي

تواجه الجزائر أزمة سياسية داخلية بعد ظهور بوادر ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، إذ انتقلت المعركة الحاصلة بين المؤيدين والرافضين إلى البرلمان الذي بات على وشك الانفجار. وبينما أعلنت أحزاب السلطة تأييدها لاستمرار حكم بوتفليقة، وأحزاب المعارضة رفضها، أمسك الإخوان العصا من الوسط يترقبون، تارة يرفعون شعار الاستمرارية، وأخرى يقفون في صف دعاة اختيار رئيس جديد يكون توافقيًا.

اقرأ أيضًا: هل يسعى إخوان الجزائر إلى زج الجيش في الصراعات السياسية؟

وعلى ما يبدو فإن ما يحدث في البرلمان الجزائري جاء ليقطع الطريق على بعض الأطراف من داخل سرايا الحكم، التي تريد تفعيل المادة 102 من الدستور التي تتعلق بشغور منصب رئيس الجمهورية، إذ تنص على أن البرلمان بغرفتيه هو من يصرح بثبوت المانع بالأغلبية، بعد تثبت المجلس الدستوري من حقيقة المانع. ويتخوف المراقبون مما سيؤول إليه الوضع بعد حدوث تصادم بين مؤيدين لرئيس البرلمان، السعيد بوحجة، ومعارضيه، أي المؤيدين لاستمرار الرئيس بوتفليقة مقابل الرافضين، كما أن ضبابية موقف الإخوان من الأزمة طرح عديد التساؤلات، رغم أن نوايا حركة مجتمع السلم الإخوانية معروفة منذ بداية الأزمة في الجزائر.

عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، ربط ما يحدث في البرلمان بالانتخابات الرئاسية المقررة في 2019، وبصراع حاصل داخل الحزب الحاكم وبين الأحزاب الموالية للسلطة، وقال إن هناك أزمة كبيرة داخل النظام السياسي، وهذه الحالة أضرت بصورة الجزائر، مبرزًا أن هناك محاولة لتشكيل وضع وفق النقاشات والخلافات والصراعات الموجودة داخل منظومة الحكم، وأكد أن حركته ترفض استمرار الرئيس لأسباب صحية، وهو رفض محشو حسب مراقبين، خصوصًا أن الحركة عرضت سابقًا مبادرة للتوافق على مرشح مشترك بين الموالاة والمعارضة.

القيادي في الحركة الشعبية-بوعلام بورقيب

وهذا ما أشار إليه بوعلام بورقيب، قيادي بالحركة الشعبية المناوئة للإسلاميين، حين قال إن “حركة مجتمع السلم اختارت إمساك العصا من الوسط؛ فقد رفضت استمرار بوتفليقة لأسباب صحية خشية إغضاب المؤيدين داخل المؤسسة العسكرية، ولإرضاء الطبقة الشعبية ودعاة التغيير من الداعمين لمبادرتها”، وتابع أن “رفض الإخوان يكشف أنهم يبحثون عن التموقع الجيد في خضم الوضع الحاصل، للحصول على مزايا وتحقيق تقدم ومصالح”.

اقرأ أيضًا: كيف يحاول إخوان الجزائر استغلال أزمة بلادهم مع المغرب؟

وفي محاولة للضغط على المتخاصمين، أصدر الإخوان بيانًا حمل توقيع رئيس الكتلة البرلمانية، أحمد صادوق، أكدوا من خلاله أنهم غير معنيين بالأزمة وبالخلافات الحزبية، ولكنهم معنيون بشكل مباشر باستقرار ومصداقية واستقلالية الهيئة التشريعية، رافضين حالة الفوضى والخروج عن تجسيد النصوص الدستورية والقانونية المنظمة لعمل البرلمان، ودعوا بإلحاح إلى مصارحة الرأي العام بالأسباب والخلفيات الحقيقية للأزمة.

ورغم محاولات إنهاء الأزمة، إلا أن الأمور تزداد سوءًا بعد انتخاب معاذ بوشارب، رئيسًا جديدًا للبرلمان، خلفًا للرئيس المعزول السعيد بوحجة، الذي يتمسك بمنصبه، إذ أصبح للمؤسسة التشريعية الجزائرية رئيسان، في أزمة غير مسبوقة تشهدها الجزائر، اندلعت إثر الأزمة التي تفجرت على خلفية إقالة بوحجة للأمين العام للهيئة التشريعية بشير سليماني.

وصرح بوحجة قائلًا: “متمسك بمنصبي ولن أستقيل، وأعتبر نفسي الرئيس الشرعي للبرلمان، وكل ما يحدث هو اعتداء على الدستور، وعلى الرئيس بوتفليقة التدخل لصيانة الدستور”. وقد بادر نواب الأغلبية إلى عزله تحت تبرير عجزه عن ممارسة مهامه بسبب خلافه مع النواب، في حين أن الدستور الجزائري ينص على أنه لا يمكن للنظام الداخلي للبرلمان أن يسحب الثقة من رئيس البرلمان وتغييره إلا في حالات الاستقالة أو العجز أو الوفاة.

تصريحات بوحجة

المعارضة البرلمانية التي قاطعت أشغال جلسة انتخاب رئيس جديد، أجمعت على أن خطوة إزاحة الرئيس السعيد بوحجة، غير دستورية، لأن هذا الأخير لم يقدم استقالته ويتمسك بمنصبه، ولا يتيح القانون تغييره. ورغم أن نواب أحزاب الأغلبية منحوا أصواتهم للرئيس الجديد معاذ بوشارب، إلا أن أنشطة هذا الأخير، وبحسب المحللين، لا يمكن أن تستأنف في ظل الوضع الحالي، وبالمقابل ترفض أحزاب المعارضة، معها الإخوان، كل الخطوات التي أقدمت عليها أحزاب الأغلبية على اعتبار أنها تفقد المؤسسة التشريعية مصداقيتها، والمؤكد أن أزمة البرلمان الجزائري اندلعت بسبب رفض الرئيس السعيد بوحجة لعهدة خامسة لرئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة.

اقرأ أيضًا: إخوان الجزائر: تشتت وصراع من أجل المصالح والزعامة

يدعم إخوان الجزائر، ممثلين بحركة مجتمع السلم، رئيس البرلمان السعيد بوحجة الذي ينتقد استمرار بوتفليقة، ويرفضون الرئيس الجديد معاذ بوشارب المؤيد لبوتفليقة، في حين لا تعلن تصريحات زعيم الإخوان عبد الزاق مقري وبيانات الحركة ذلك صراحة، وإنما يبرر رفض حركته لعهدة خامسة لبوتفليقة بعجزه الصحي وليس بسبب سياسته، في ازدواجية غير بريئة وصفتها أطراف عدة بالنفاق السياسي للإخوان، خصوصًا بعد منشور زعيمهم عبد الرزاق مقري، على صفحته الرسمية على الفيسبوك، حيث أكد أنه “ليس لنا مشكل شخصي مع بوشارب، ولكنه رئيس مجلس شعبي غير شرعي، وتعاملنا مع المجلس برئيس غير شرعي هو تعامل أمر واقع، مثلما تعاملت وتتعامل كل الأحزاب مع مختلف مؤسسات الدولة مخدوشة الشرعية منذ بداية التزوير الانتخابي عام 1995”.

عبد الرزاق مقري

وفي السياق ذاته، قال شريف بوعيش، النائب بالبرلمان عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، المعروف بمعارضته الشديدة للإخوان والسلطة معًا، إن حركة مجتمع السلم الإخوانية والأحزاب الإسلامية الأخرى، أصبحت أحزابًا “مناسباتية ينحصر همها في تسجيل النقاط، والاكتفاء برفع الشعارات الفضفاضة، وتترصد كل فرصة تتاح لها لتحقيق مصالحها الضيقة، حتى على حساب مصلحة الوطن؛ فهوايتهم الاصطياد في المياه العكرة، وهي وضعيتهم مع ما يحصل في البرلمان من توتر وفوضى”، وتابع أن “الإخوان باتوا غير قادرين على مخاطبة الشعب في لقاءات مباشرة، ولم يعد بإمكانهم تجنيده، أو حتى تنظيم تجمعات شعبية لتوعيته، وتقديم حلول لمشكلاته، ونتائج الانتخابات خلال السنوات الأخيرة دليل على فراغ محتوى هذه الأحزاب”، مشيرًا إلى أن “حركة مجتمع السلم لجأت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بدلًا من الذهاب إلى الجزائر العميقة، لمخاطبة الشعب باللعب على أوتار حساسة تمس وطنيته وتدغدغ مشاعره”.

ومن الملاحظ أن حركة مجتمع السلم، باتت لا تمارس الأدوار الحقيقية المطلوبة منها شعبيًا، وإنما تكتفي بتسجيل تعليقات عابرة معبأة بالشكوى من الأزمات والمشكلات، وهو الحال مع أزمة البرلمان، فهي لم تحدد موقفًا واضحًا، ولم تقدم حلًا، وإنما أمسكت العصا من الوسط، تراقب إلى أية جهة تميل الكفة، وهي ممارسات ليست جديدة عن الإخوان، وتكشف عن تدهورهم ودورانهم في حلقة الشعارات الدينية الفضفاضة، التي تعمق سطحيتها وفشلها الذريع في إنجاز أي تحول سياسي في البلاد، الأمر الذي جعلها غير مؤثرة في المواطنين، بل أصبح المواطن والسلطة يتعاملان معها باستهزاء واحتقار.

وأوضح بوعيش أن “اكتفاء رئيس الحركة بإصدار بيانات وإرسال برقيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو مظهر من السلبية السياسية، خصوصًا أنها لا تتضمن أي تشخيص علمي ومادي للأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالجزائر والجزائريين”، وخلص إلى أن “عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، شريك أيديولوجي أساسي للنظام الحاكم بالجزائر، في القبول بالرأسمالية المتوحشة التي حوّلت المؤسسات الاقتصادية والمنتجة للثروة إلى إقطاعيات خاصة، كما أن حركته الإخوانية متورطة في شراكة مع النظام، باسم لعبة التحالف الرئاسي، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول أسباب عدم انسحاب الإخوان من البرلمان، واستمرار مشاركتهم في مختلف الانتخابات”.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة