الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية

أزمة الصحراء الغربية تمزق المغرب العربي

يمكن ربط الخلاف الأخير بين المغرب وتونس بأزمة الطاقة العالمية وموقف الجزائر المتشدد في الجغرافيا السياسية

كيوبوست- ترجمات

سابينا هينبيرغ♦

تحاول سيلينا هينبيرغ، في مقال نشره موقع “ذا ناشيونال إنتريست”، البحث عن الأسباب التي دفعت بتونس إلى خضم الخلاف المزمن بين الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو، والمغرب الذي يعتبر الصحراء الغربية جزءاً من ترابه الوطني. وفي الإضاءة على توقيت الأزمة ترجع هينبيرغ عامَين إلى الوراء عندما أعلنت جبهة البوليساريو إنهاء وقف إطلاق النار المستمر منذ نحو 30 عاماً بعد أن دخلت القوات المغربية منطقة عازلة لإبعاد المتظاهرين الصحراويين. وفي الشهر التالي، اعترفت إدارة ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية بمقابل تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل.

اقرأ أيضاً: لماذا تدعم الجزائر جبهة البوليساريو؟

وبحلول منتصف عام 2021، قطعت الجزائر علاقاتها مع الرباط بعد أزمة دبلوماسية أعقبت تصريحاً لسفير المغرب في الأمم المتحدة أعلن فيه دعم بلاده مطالبة منطقة القبائل في الجزائر بالحكم الذاتي. وكان الكشف عن استخدام المغرب برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، للتنصت على مسؤولين جزائريين، الشعرة التي قصمت ظهر البعير. وفي هذه الأثناء كانت تونس تواجه مشكلاتها الداخلية الخاصة بعد أن جمَّد الرئيس سعيد البرلمان، قبل إجراء استفتاء دستوري بعد عام واحد. وكذلك تعرض الدعم الشعبي لسعيد إلى تحديات كبيرة بسبب المشكلات الاقتصادية الحادة في البلاد، والضربات التي تعرضت إليها السياحة عقب انتشار وباء كورونا، وأزمة الديون المتراكمة التي أجبرت الحكومة على رفع أسعار الوقود والكهرباء. واليوم، أصبحت تونس في حاجة ماسة إلى المزيد من الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة. وهنا يأتي دور الجزائر التي تزود تونس بثُلثي احتياجاتها من الغاز، وبجزء كبير من حاجتها إلى الكهرباء. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وتونس 1.43 مليار دولار سنوياً بالمقارنة مع 482 ملياراً مع المغرب.

الجزائر تزيد من صادراتها من الغاز إلى إيطاليا- وكالات

وبشكل عام استفادت الجزائر من أزمة الطاقة التي نتجت عن الحرب في أوكرانيا، وأبرمت عدة صفقات لتوريد الغاز إلى دول أوروبية، ووسعت مشاركتها الجيوسياسية في أوروبا ودول جنوب الصحراء الإفريقية، وربما تكون هذه الخطوات قد جاءت استجابة لنشاط المغرب المتزايد في القارة. وقد اتهم المغرب مؤخراً الجزائر بالضغط على الدول التي عبرت عن موقف مؤيد للمغرب في مسألة الصحراء الغربية.

اقرأ أيضاً: أزمة تونس والمغرب تتطور.. هل من دور للجزائر؟

وبالتالي يمكن ربط الخلاف الأخير بين المغرب وتونس بأزمة الطاقة العالمية وموقف الجزائر المتشدد في الجغرافيا السياسية، وحاجة تونس إلى الغاز الطبيعي واهتزاز موقف قيس سعيد، بالإضافة إلى التوترات المتزايدة بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية.

وتؤكد هينبيرغ أنه على الرغم من عدم وجود تهديد وشيك باندلاع نزاع مسلح في شمال غرب إفريقيا حول قضية الصحراء الغربية؛ فإنه من المرجح أن الأزمة الدبلوماسية بين دول المغرب العربي سوف تتصاعد، فالدول الثلاث تعاني ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب على أوكرانيا وموجة الجفاف الأخيرة، كما يواجه كل من هذه الدول الثلاث مشكلاته السياسية الداخلية الخاصة؛ فالمغرب الذي تدعمه الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا من غير المرجح أنه سيتراجع عن موقفه من قضية الصحراء الغربية. واعتماد الجزائر على النفط والغاز يعني أن اقتصادها الحالي لن يكون مستداماً دون إصلاحات هيكلية، وعلاوة على ذلك فإن القدرة التصديرية المحدودة والبنية التحتية الحالية لأنابيب الغاز لا تتيحان لها أن تلعب دور المنقذ لأوروبا من أزمة الغاز التي تعانيها. أما تونس فتخوض مفاوضات للحصول على قرض من البنك الدولي؛ على أمل أن يساعد حكومتها في تجنب الأزمة المالية، ولكن هذا القرض يلقى معارضة شعبية كبيرة قد تطيح بالدعم الشعبي المتواضع الذي يتمتع به قيس سعيد.

تداعيات الحرب في أوكرانيا ستضرب مناطق في إفريقيا وآسيا- “فورين بوليسي”

لقد حال نزاع الصحراء الغربية دون اندماج دول المغرب العربي؛ مما أدى إلى ضياع فرص الازدهار في المنطقة، وأشعل سباق تسلح بين المغرب والجزائر، كما أدى إلى انتهاكات حقوق الإنسان بين صفوف الناشطين. إن النمو والاستقرار في المغرب العربي ضروريان لمكافحة الإرهاب والسيطرة على الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط. وقد أوضحت إدارة بايدن أنها بينما تجدد تأكيد الولايات المتحدة عملية الأمم المتحدة الخاصة بالصحراء الغربية؛ فهي لن تتراجع عن اعتراف إدارة الرئيس ترامب بالسيادة المغربية عليها.

اقرأ أيضاً: هل تخلَّت تونس عن حيادها في قضية الصحراء؟

ولا بد للولايات المتحدة من أن تواصل إرسال إشارات إلى الجزائر بأنها شريك مهم، وذلك من أجل تحقيق التوازن مع موقفها الحالي من قضية الصحراء. بالإضافة إلى توسيع مشاركتها بالعملية التي تقودها الأمم المتحدة، فإن استمرار المشاركة رفيعة المستوى مع الجزائر هو أمر مهم لثنيها عن اتخاذ موقف أكثر تشدداً وتعريض استقلال دول مثل تونس للخطر.

♦زميلة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وتركز على شمال إفريقيا.

المصدر: ذا ناشيونال إنتريست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة