الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

أزمةٌ إنسانيةٌ في السودان.. نزوحٌ جماعي ونقص حاد في الأطباء ومخزونات الدواء

تفاقمت الأزمة في القطاع الطبي مع توقف غالبية المستشفيات عن العمل ونقص الأطباء والأدوية ومستلزمات العلاج..

كيوبوست

تفاقمت أزمة القطاع الصحي والخدمي في السودان بصورةٍ غير مسبوقة منذ سنوات، بالتزامن مع دخول الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني.

وتعاني المستشفيات نقصاً حاداً في إمدادات الأدوية، وانتظام العمل، وسط تهديدات طالت عدداً كبيراً من المستشفيات، وأجبرتها على الإغلاق، فيما يواجه أصحاب الأمراض المزمنة مصيراً مجهولاً في ظلِّ عدم القدرة على الوصول للأدوية، وتلقي العلاج، خاصة في العاصمة الخرطوم.

اقرأ أيضًا: العشرة الدموية من رمضان.. مشاهد مأساوية من اشتباكات الخرطوم

وتشهد العاصمة الخرطوم حالات نزوحٍ جماعي لأعدادٍ كبيرة من السكان تجاه دول الجوار، فيما دونت بعض العائلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إفاداتٍ عن تعرضها للنصب نتيجة الاتفاق على وسائط نقل إلى الحدود المصرية من دون أن يجدوها في المواعيد المتفق عليها، على الرغم من سداد المبالغ المتفق عليها.

وبلغ متوسط سعر نقل الفرد من الخرطوم إلى داخل الحدود المصرية نحو 120 ألف جنيه سوداني (200 دولار) للرحلة بالسعر الرسمي، والتي تستغرق نحو 10 ساعات سفر، للوصول إلى معبر أرقين الحدودي الذي يقع على بعد 850 كيلومتراً من قلب الخرطوم.

اقرأ أيضًا: مستشار قائد قوات الدعم السريع لـ«كيوبوست»: نسيطر على مقر القيادة العامة والقصر الجمهوري ومطار الخرطوم

وتتحرك السيارات من موقف “قندهار” غرب أم درمان، في طريقها إلى مدينتي أسوان والقاهرة، فيما فضَّلَت عائلاتٌ أخرى استئجار سياراتٍ خاصة بكلفة وصلت إلى 5 مليارات جنيه سوداني للنقل مباشرة.

وتنطلق غالبية الرحلات عند الفجر للوصول إلى الحدود المصرية مع وقت الغروب، فيما تسمح التسهيلات المعتمدة لدخول السودانيين -ما دون 16 عاماً وفوق الـ 50 عاماً للرجال، وبدون تأشيرة مسبقة للسيدات- بدخول أعدادٍ كبيرة على مدار اليوم مع انتظام المعبر في العمل.

توقفت الحركة في مطار الخرطوم الدولي- وكالات

نقصٌ في الدواء والغذاء

لا تقتصر الأزمات الإنسانية على نقص الدواء وتقلص فرص العلاج وحالات النزوح إلى دول الجوار، ومن بينها تشاد وجيبوتي، بالإضافة إلى مصر؛ إذ يتعذر وصول المساعدات الإنسانية والغذائية لمواقع عديدة، خاصة بعد تعرض 10 مركبات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي و6 شاحنات طعام للسرقة، في أعقاب اقتحام مكاتب ومخازن تابعة للمنظمة في نيالا جنوب دارفور.

وبحسب إحصائيات رسمية، فإن 11 طبيباً كانوا من بين الضحايا المدنيين الذين سقطوا على الأقل منذ بداية اندلاع الاشتباكات الأسبوع الماضي، فيما تعرضت عدة سيارات إسعاف للضرر نتيجة إصابتها خلال الاشتباكات، من دون أن تكون هناك إحصائية دقيقة لعدد سيارات الإسعاف المستهدفة.

تواجه المستشفيات السودانية نقصاً حاداً في الأدوية- وكالات

 

مشكلات حادة

عطية عبد الله عطية

ثمة مشكلات حادة في القطاع الطبي، بحسب سكرتير نقابة أطباء السودان، عطية عبد الله عطية، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن الوضع الإنساني بات سيئاً للغاية، خاصة مع تعذر فتح مساراتٍ آمنة تسمح بنقل المرضى لتلقي العلاج، وعدم قدرة الكوادر الطبية على الوصول إلى المستشفيات لتقديم العلاج للمرضى، فضلاً عن النقص الحاد في الإمدادات؛ والتي تنقسم ما بين إمداداتٍ يتوجب الحصول عليها من المخازن ولا توجد قدرة على نقلها في ظلِّ الأوضاع غير الآمنة، والاشتباكات المسلحة وعدم وجود هدنة أو مسار آمن يسمح بالتحرك، وإمدادات بدأت تنفد من مختلف أنحاء البلاد، وهي بحاجة إلى الاستيراد من الخارج.

وأوضح عطية أن الإمدادات التي يجب استيرادها من الخارج تتنوع بين العقاقير والأدوية، والمستلزمات المرتبطة بالعمليات الجراحية، والأدوية اللازمة لها، بسبب العدد الكبير من العمليات والجراحات التي تم إجراؤها خلال الأيام الماضية نتيجة الاشتباكات، وهي أعدادٌ تفوق قدرة المستشفيات المختلفة.

وأشار إلى أن بعض منظمات الإغاثة الدولية العاملة في السودان لديها مخزون، لكنها لا تستطع إيصاله إلى المستشفيات، بسبب الوضع الأمني، وعدم وجود ممرات آمنة.

دعت الإمارات ومصر إلى وقف الاقتتال وحماية المدنيين والمنشآت المدنية

أيام صعبة

من جهته، يشير عضو مكتب الأطباء الموحد، الدكتور محمد الحاج في إفادةٍ لـ”كيوبوست” إلى سوء الوضع حتى داخل المستشفيات العاملة التي تستقبل المرضى والمصابين في الاشتباكات، بسبب الإرهاق الشديد للكوادر الطبية، نتيجة العمل بشكلٍ متواصل منذ اندلاع الاشتباكات، ومن دون الحصول على راحة؛ بسبب كثرة الحالات الملحة للتعامل معها، وغياب البدلاء من الأطباء نتيجة عدم قدرة بعضهم على الوصول للمستشفيات.

وأوضح أن معظم المستشفيات في العاصمة خرجت من الخدمة، نتيجة عدم قدرة الكوادر الطبية على الوصول إلى المستشفيات، مشيراً إلى أن استمرار إطلاق النار يمنع المرضى أيضاً من الوصول إلى المستشفيات، وهو أمر ستكون له تداعياتٌ خطيرة في الأيام المقبلة.

اقرأ أيضًا: “نيويورك تايمز”: جنرالان متنافسان يبددان آمال الانتقال السلمي للسلطة في السودان

ياسر علقم

ويؤكد عضو لجنة صيادلة السودان المركزية، د.ياسر علقم، في حديثٍ لـ”كيوبوست”، وجود مشكلة لدى شركات الأدوية في إيصال ما لديها للصيدليات والمستشفيات، فضلاً عن النقص الحاد في أنابيب الأكسجين، وعدم قدرة سيارات الإسعاف على التحرك، ونقص المعقمات اللازمة للمستشفيات.

ويؤكد سكرتير عام نقابة الأطباء السودانية على عدم وجود أي تنسيق بين المستشفيات والجيش السوداني أو قوات الدعم السريع بشأن آليات تأمين المستشفيات، وهو التنسيق الذي يؤدِّي غيابه إلى زيادة التعقيدات بشكلٍ كبير، خاصة مع توقف بعض المستشفيات عن تقديم الخدمات الضرورية للمرضى مثل الغسيل الكلوي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة