الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون دولية

أردوغان يمعن في تدمير التاريخ المسيحي لتركيا

أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحويل كنيسة شورا التاريخية -وهي واحدة من أشهر مباني العصر البيزنطي في إسطنبول- إلى مسجد بعد شهر واحد من فتح أبواب كاتدرائية "آيا صوفيا" للصلاة

كيوبوست

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ماضٍ في استفزاز دول أوروبا بكل الطرق الممكنة؛ فمَن كان يظن أن الزعيم الإسلامي قد اكتفى بإعادة تحويل كنيسة “آيا صوفيا” إلى مسجد تُقام فيه الصلاة والاحتفالات الدينية كان مخطئاً، فالمعلومات الواردة من إسطنبول كشفت عن وجود كنيسة جديدة على قائمة الإرث المسيحي المنتهك من قِبل “السلطان العثماني”.

“متحف شورا”، هذا هو الوضع الذي تمتعت به كنيسة “المخلص المقدس” على مدى عقود منذ بناء تركيا الحديثة، وقد تم بناء هذه الكنيسة الأرثوذكسية القديمة في إسطنبول من قِبل البيزنطيين في القرن الخامس الميلادي، وسُميت، آنذاك، بكنيسة “سانت سوفور إن شورا”.

اقرأ أيضاً: الوضع الحرج لآيا صوفيا

تاريخ عريق

تقع كنيسة “المخلص المقدس” في حي أدرنة قابي في إسطنبول، ويأتي مصطلح “شورا” من اليونانية القديمة، ويعني “الأرض”، وهو الاسم الذي استحقته هذه الكنيسة التي بُنيت في الأصل داخل بيئة ريفية.

تم ترميمها لأول مرة في القرن الحادي عشر، وبسبب الانهيار الجزئي نظراً لعدة عوامل، تم تجديد الكنيسة للمرة الثانية في القرن الرابع عشر من قِبل رجل الدولة المؤثر، آنذاك، ثيودور ميتوشيت، والذي أعطاها شكلها الحالي، كما أضاف إليها زاوية داخلية للصلاة، بالإضافة إلى الفسيفساء والرخام واللوحات الجدارية.

جانب من فسيفساء الكنيسة- وكالات

لا تختلف حكاية هذه الكنسية كثيراً عن حكاية “آيا صوفيا”، رغم أنها أقل شُهرة منها؛ وهي حُكماً ليست المرة الأولى التي تتحول فيها إلى مسجد للمسلمين.

حدث هذا التحول أول مرة أثناء استيلاء العثمانيين على القسطنطينية عام 1453؛ لكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت “شورا” متحفاً، بعد عملية ترميم طويلة ودقيقة من قِبل الخبراء ومتخصصي فنون العمارة؛ لتفتح أبوابها كمتحف أمام الزوار منذ عام 1958.

من داخل الكنيسة- وكالات

تُشتهر هذه الكنيسة بالفسيفساء الباهرة واللوحات الجدارية التي تعود إلى القرن الرابع عشر، وهي معروفة أيضاً بعمل تكويني ضخم داخلها يحمل اسم “يوم القيامة”. بالنسبة إلى المؤرخة المختصة بتاريخ الإمبراطورية العثمانية زينب تركيلماز، فإن “خطراً محدقاً يهدد بقاء اللوحات الجدارية والفسيفساء هنا؛ حيث يحظر الإسلام كل أشكال التمثيل الديني المصور”. وعلى العكس من “آيا صوفيا”، فإنه من الصعب بمكان تغطية أو إخفاء كل الأعمال التي تزخر بها هذه الكنيسة، حسب وصف زينب التي تحدثت إلى وكالة الأنباء الفرنسية.

اقرأ أيضاً: آيا صوفيا.. القلب النابض للعالم المسيحي الأرثوذكسي

 

قبل “آيا صوفيا”

لقد مرّ الخبر دون أن يلاحظه أحد باستثناء روسيا واليونان؛ ففي نوفمبر من العام الماضي ألغى مجلس الدولة التركي مرسوم عام 1945 القاضي بتحويل الكنيسة البيزنطية القديمة إلى متحف، وسمح بإعادتها إلى مسجد للمسلمين.

كان هذا القرار، الذي أثار القليل من ردود الفعل على المستوى الدولي، يمهد الطريق أمام القرار الذي كان سيتبعه في 10 يوليو 2020، والقاضي بتحويل “آيا صوفيا” إلى مسجد.. كانت حينها أثينا أول من قرع جرس الإنذار بخصوص كنيسة شورا؛ ولكن دون أن يلتفت أحد إلى خطورة الأمر، حسب موقع “CATH” السويسري، المهتم بالشؤون الدينية المسيحية.

آيا صوفيا في قلب اسطنبول – وكالات

بالنسبة إلى كاتب المقال، فإن الإسلاميين الأتراك لا يريدون التوقف عند هذا الحد؛ لأنهم نجحوا بالفعل في تحويل العديد من الكنائس التاريخية إلى مساجد، منذ عام 2011، والأمر لا يتعلق فقط بمدينة إسطنبول؛ بل امتد ليشمل مدناً تركية أخرى، كما حدث مع كنيسة أخرى في طرابزون على شواطئ البحر الأسود، تحمل أيضاً اسم “آيا صوفيا”، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، وتم تحويلها أيضاً إلى مسجد في عام 2013، بعد أن صدر مرسومها كمتحف عام 1964.

بالنسبة إلى العديد من المراقبين، يرمي استهداف أردوغان للكنائس البيزنطية القديمة إلى تحفيز القاعدة الانتخابية المحافظة والقومية، قبيل الاستحقاق الانتخابي المنتظر، والذي يقترب موعده تزامناً مع الصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب وباء كورونا، كما أن الخلاف مع اليونان في شرق المتوسط يشكل حافزاً لقيام “سلطان” تركيا بالمزيد من الأعمال الاستفزازية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة