الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
أردوغان يستغل “كورونا” لاعتقال مواطنيه وتصفية حسابات سياسية

كيوبوست
على الرغم من تفشِّي وباء كورونا عالميًّا وتحوله إلى أزمة تثير ذعر الجميع؛ فإن السلطات التركية تعاملت مع الأمر بمزيد من القمع والتضييق على الحريات العامة للمواطنين، إذ اعتقلت القوات التركية، في اليومَين الماضيَين، 19 شخصًا من أصل 93 آخرين مشتبه فيهم بتهمة ترويج شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي حول انتشار الفيروس في البلاد، رغم الإعلان الرسمي عن إصابة 670 حالة، ووفاة 9 حالات من بينها القائد الأسبق للقوات البرية أتاتش يالمان، الذي توفِّي متأثرًا بإصابته بـ”كورونا”.
وذكرت وزارة الداخلية التركية، في بيان لها، أن هؤلاء الأشخاص نشروا بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي أثارت الذعر وروَّجت لأكاذيب حول انتشار الفيروس على نطاق واسع في البلاد، وتتهم المسؤولين بالتراخي في أداء عملهم وعدم مواجهة الأزمة كما ينبغي.
اقرأ أيضًا: اعتقال صحفيَّين تركيَّين تطرقا إلى ملابسات تشييع ضابط استخبارات في ليبيا
نظرية المؤامرة
الباحث في الشأن التركي كرم سعيد، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “النظام التركي تعامل بسياسة الإنكار في بداية الأزمة؛ في محاولة لنفي انتشار الفيروس هناك، لكن مع تفشِّي المرض وانتشار الإصابات بين المواطنين واستقبال المستشفى الألماني في إسطنبول مزيدًا من الحالات، تم التراجع عن فكرة الإنكار وتبنَّى النظام نظرية المؤامرة وإلقاء المسؤولية على الغير، وتكاثرت الأحاديث عن أن معتمرين أتراكًا كانوا قادمين من السعودية حاملين للفيروس؛ لكن يبدو أن كل هذه المحاولات لم تجدِ نفعًا في ظل التصاعد المستمر للوباء في العالم كله”.
ويأتي ذلك رغم إغلاق المقاهي والنوادي الرياضية والمتنزهات العامة، فضلًا عن تعليق الصلاة في المساجد، وتوسيع عملية حظر الطيران؛ لتشمل عشرين دولة حتى الآن، وهو ما يؤكد أن الوباء يشكِّل بالفعل تهديدًا واضحًا، وأن الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي ليست إلا شكلًا من أشكال التعبير عما يجري على أرض الواقع، كما أن الوباء يعد أزمة عالمية ولا يخص تركيا وحدها.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده تحتاج إلى شهرَين لتجاوز الأزمة، مؤكدًا في تصريحات رسمية أنه قد يتم تأجيل امتحانَي المرحلتَين الإعدادية والثانوية إلى تاريخ لاحق بناء على التطورات المتعلقة بالفيروس، مضيفًا: “سنُفَعِّل حزمة درع الاستقرار الاقتصادي المتضمنة تخصيص أموال بقيمة 100 مليار ليرة للتخفيف من آثار (كورونا)”.
تصفية الحسابات
يعلق الباحث في الشأن التركي: “تركيا وجدت نفسها مجبرةً على اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة التي أقدمت عليها سائر دول العالم لمواجهة الفيروس، من تعليق حركة الطيران والابتعاد عن التجمعات وإغلاق المتنزهات والأماكن العامة والمدارس والجامعات، وبالطبع كانت هناك محاولات للتوظيف السياسي للأزمة بالقفز على الفشل في إدارة الملف الاقتصادي وإلقاء المسؤولية على جبهات الممانعة في الداخل؛ باعتبار أنها حائط الصد أمام إحداث أي تقدم في البلاد؛ حيث سيستغل النظام فرصة وباء كورونا لتصفية حساباته مع معارضيه الذين كانوا من صفوف الرفاق القدامى؛ مثل أحمد داود أوغلو وعلي باباجان، والذين انشقوا عن حزب العدالة والتنمية وأعلنوا عن تأسيس أحزاب جديدة؛ سواء حزب المستقبل بالنسبة إلى داود أوغلو، أو حزب الديمقراطية لعلي باباجان”.
اقرأ أيضًا: مجلس حقوق الإنسان العالمي يُدين الانتهاكات التركية
وأشار الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مايكل روبين، في مقال نشره موقع “The National Interest”، إلى احتمالية إصابة 60% من الشعب التركي بفيروس كورونا، رغم إصرار الحكومة من البداية على نفي وجود الفيروس ورغم اكتشاف حالات إصابة مؤكدة بين السائحين العائدين من بلادهم بعد زيارة تركيا مؤخرًا.
غطرسة وجهل أردوغان
وأكد روبين أن الجهل والغطرسة من جانب أردوغان قد يدفعان ببلاده إلى كارثة؛ حيث يتبنَّى دائمًا هو وأنصاره نظرية المؤامرة، وأن الجميع يستهدفه على الدوام؛ خصوصًا في ظل وضع اقتصادي سيئ للغاية، ووسط تعهدات قطعها الرئيس التركي على نفسه بأن تكون بلاده ضمن أكبر 10 اقتصاديات على مستوى العالم بحلول عام 2023؛ وهو ما سيصبح حلمًا مستحيلًا مع التداعيات الخطيرة والكبيرة لوباء كورونا.
اقرأ أيضًا: أسلي أردوغان: تركيا أعلنت حربًا مفتوحة ضد حقوق الإنسان
ووَفقًا لمقالة نشرها الدكتور أرجين كوتش يلدريم، الأستاذ في كلية الطب في جامعة بيتسبيرج الأمريكية، فإن الحكومة التركية تتلاعب بالأرقام الخاصة بـ”كورونا”، وتنشر معلومات خاطئة حول أجهزتها المتطورة التي ادَّعت أنها الأفضل على مستوى العالم من حيث تحديد الفيروس، وأنه تم تصديرها أيضًا إلى عديد من الدول؛ منها الولايات المتحدة الأمريكية، مستبعدًا قيام أية مؤسسة صحية أو مختبر داخل واشنطن باستخدام الجهاز التركي.
وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد إصابة آلاف الأتراك بفيروس كورونا وسط تعتيم من السلطات، وتظهر فيه مسؤولة في أحد المستشفيات تؤكد أن الحكومة التركية تخفي الأعداد الحقيقية، معربةً عن خوفها من تحول بلادها إلى السيناريو الإيطالي.