الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

أردوغان.. وريث السلطنة العثمانية يخضع للقوي ويهدد الضعيف

بين القيصر الجديد بوتين والسلطان العثماني الجديد أردوغان نعود إلى صراع القرن التاسع عشر الذي كان قد اندلع بين الإمبراطوريتَين

كيوبوست- ترجمات

  • إيريك زمور 

دقيقتان وقت طويل؛ خصوصًا عندما تنتظر أمام كاميرات التليفزيون التي تراقب كل تحركاتك. هذا هو المصير الذي جهَّزه بوتين لأردوغان الذي زار موسكو الأسبوع الماضي، دون أن يهمس هذا الأخير بأي نفس.

وفي الوقت نفسه، أرسل السلطان التركي الآلاف ممن يُعرفون بالمهاجرين السوريين (في الواقع هم من الأفغان والباكستانيين وحتى الجزائريين) إلى الحدود اليونانية، قبل أن يمنعهم من ذلك؛ لإعادة إرسالهم بشكل أفضل مستقبلًا.

اقرأ أيضًا: هل يصمد الاتفاق الروسي- التركي حول إدلب؟

 إنه هكذا، أردوغان خاضع للأقوياء في (روسيا) ويهدد الضعفاء في (سوريا)؛ لكن الطائرات الروسية ترسم له الخطوط الحمراء، فيضطر أردوغان إلى التراجع عن منطقة إدلب التي كان يطمح في الاستيلاء عليها، متوسلًا في المقابل “شريط أرض” من بوتين.

 في أوروبا، أدرك أردوغان أن أنجيلا ميركل هي نقطة ضعف القارة الأوروبية (نقطة قوة اقتصادية؛ ولكن نقطة ضعف جيواستراتيجية)، وضغط عليها بلا خجل.

اقرأ أيضًا: المواجهة الروسية- التركية في إدلب.. بين خيارات الحرب والتهدئة

يسير أردوغان على قدمَين: الإسلام والإمبراطورية العثمانية، مخلصًا لهذا الفكر التأسيسي الذي أرست دعائمه جماعة الإخوان المسلمين، فهو يعتمد على أحدهما لتثبيت قوة الآخر.

قبل عام 2015، دعمت تركيا “داعش” في قتاله داخل العراق وسوريا لتدمير هاتين الدولتَين اللتين ولدتا من رحم اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. والآن، ما زالت بقايا الجهاديين تقاتل مع الجيش التركي؛ لكنها وجدت شخصًا يتحدث نيابةً عنها مع بوتين، لذا تشجَّع أردوغان على إرسال المزيد من جنوده المرتزقة إلى ليبيا؛ أرض أخرى كانت عثمانية في السابق.

ميركل وأردوغان – وكالات

بين القيصر الجديد بوتين الذي أعاد إحياء التحالف القديم مع الكنيسة الأرثوذكسية، والسلطان العثماني الجديد أردوغان الذي يحلم بإحياء الخلافة، نعود إلى صراع القرن التاسع عشر، الذي كان قد اندلع بين الإمبراطوريتَين بالفعل.

في ذلك الوقت، دعمت القوتان الغربيتان، فرنسا وإنجلترا، الدولة العثمانية، وهزمت روسيا (حرب القرم، 1854). اليوم يريد أردوغان إجبار الغرب على إعادة هذه اللعبة نفسها؛ فهو لا يزال عضوًا في الناتو، حتى لو حصل على معدات عسكرية روسية، موقع تركيا الجغرافي يعني أن واشنطن تغفر لها كل أخطائها.

اقرأ أيضًا: بين الضغط والابتزاز.. ما الهدف من زيارة أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي؟

لإجبار الدول الأوروبية المترددة مثل فرنسا، يمتلك أردوغان سلاحًا سريًّا: الهجرة، وتحريض الأتراك الموجودين في أوروبا الغربية على الإنجاب )ليس ثلاثة، بل خمسة أطفال)، وتذكيرهم بأن “الاندماج جريمة ضد الإنسانية”.

إنه يؤسس الهيئات الممثلة للمسلمين في فرنسا أو ألمانيا أو إنجلترا، يفعل ذلك علنًا دون إخفاء كما يفعل بعض الدول العربية، إنه يستخدم الجاليات المسلمة في أوروبا كوسيلة للضغط على الحكومات الأوروبية.

مرة أخرى، لا شيء جديد: فعل الإنجليز والإسبان الشيء نفسه مع البروتستانت والكاثوليك في فرنسا خلال الحروب الدينية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- “أ ف ب”

لقد ضاع الاتحاد الأوروبي؛ لأنه اعتقد أننا خرجنا من عالم السياسة الواقعية في القرن التاسع عشر، إلى طليعة عالم جديد؛ حيث تمت تسوية النزاعات والحروب فيه عن طريق القانون والتجارة، لكن تلك الدول غرقت في العولمة وخضعت لـ”القوة العظمى” الأمريكية.. هذا “العالم الجديد” هو الذي يحتضر اليوم، وأردوغان ليس سوى واحدة من علامات هذه النهاية المحتومة.

  • كاتب وصحفي وسياسي فرنسي

المصدر: لوفيجارو

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة