الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
أردوغان في السعودية.. زيارة الفرصة الأخيرة
بعد الإمارات ومصر مسار العلاقات التركية السعودية يشهد تقدماً لافتاً خلال الأسابيع المقبلة والرياض تشترط احترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية

كيوبوست
في زيارةٍ هي الأولى من نوعها منذ 5 سنوات، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزمه زيارة المملكة العربية السعودية الشهر المقبل، بالتزامن مع زيارة يقوم بها الى دولة الإمارات، وينظر إلى الجولة المكوكية التي سيقوم بها الرئيس التركي كمحاولة لتحسين العلاقات المتأزمة مع دول الخليج بعد سنواتٍ من التوتر.
وجاء إعلان أردوغان عن زيارته للسعودية خلال رده على سؤال تطرق لمشكلة تصدير المنتجات التركية إلى المملكة، مؤكداً أنه سيعمل على حل المشكلة بعد تلقيه وعوداً بزيارة المملكة، زيارة تأتي في الوقت الذي تستهدف فيه أنقرة زيادة صادراتها لنحو 250 مليار دولار خلال 2022 بعدما حققت 225 مليار و368 مليون دولار في 2021.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الزيارة المرتقبة للرئيس التركي ستكون فرصة للتغلب على المشكلات التي أفسدت العلاقات بين اثنين من أكبر اقتصادات المنطقة، مشيرة إلى أن أردوغان سيكون مهتماً بالتطلع نحو التعاون الاقتصادي بشكل أكبر، في ظلِّ الأزمة المالية التي تمرّ بها تركيا في الوقت الحالي.
تطور مفاجئ

يصف الكاتب التركي طه عودة أوغلو الإعلانَ عن الزيارة من جانب الرئيس التركي بأنها “تطور مفاجئ”، خاصة وأن الزيارة ستكون الأولى من نوعها بهذا المستوى بين البلدين، عقب سنواتٍ من الخلافات الثنائية الحادة والتنافس الإقليمي، لكنها تأتي في إطارِ مساعي أنقرة للعودة تدريجياً إلى سياسة صفر مشاكل مع دول المنطقة.
يتفق مع هذا الرأي الكاتب والمحلل السعودي زيد بن كمي الذي يقول لـ”كيوبوست” إن تركيا لديها منذ خريف 2020 رغبة في إعادة إصلاح المشكلات التي تسببت بها سياساتها الخارجية خلال السنوات الماضية، والعمل على تصفير المشكلات مع دول المنطقة، خاصة في ظلِّ عدم قدرتها على التعامل مع الأوضاع الحالية، وفقدان دول مهمة مؤثرة بالقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة مثل السعودية.
اقرأ أيضاً: تفاهمات تركية- إماراتية تمهد للقاء قمة بين القيادتَين

وأضاف أن الميزان التجاري بين البلدين خلال الفترة التي سبقت الأزمات اتسم بالضخامة، لكن القطاع الخاص السعودي أوجد بدائل للمنتجات التركية، بسبب سياساتها التي دفعت لإعادة النظر في العلاقات معها على جميع المسارات، مشيراً إلى أن السياسات التركية أدَّت لعزوفِ المستثمرين عن التواجد بالسوق، مما أدى إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على الاقتصاد التركي، والذي يواجه في الوقت الحالي مشكلاتٍ كبيرة، لافتاً إلى حاجة أنقرة للتعاون مع دول الخليج بشكل عام للتأثير الاقتصادي الكبير لها في المنطقة، وهو دور لا يمكن أن تقوم به دولة واحدة على سبيل المثال.
اقرأ أيضًا: وسط مخاوف إقليمية.. الإمارات وتركيا تحسنان علاقاتهما

ويتوقع الكاتب والمحلل التركي عبد السلام رمضان أوغلو أن تكون الزيارة خطوة نوعية لتعزيز العلاقات التركية – السعودية في المرحلة المقبلة، استناداً إلى الروابط المشتركة القديمة والحديثة بين البلدين، مشيراً إلى أن الزيارة سيكون لها انعكاسٌ إيجابي على العلاقات بين البلدين؛ بمختلف المجالات سياسياً واقتصادياً، وحتى على المستوى الاجتماعي، لافتاً إلى أن السعودية احتلت المرتبة الأولى قبل سنواتٍ في التملك العقاري في تركيا بين الدول الأجنبية، ويمكن أن تتطرق المباحثات لتعاون مشترك بين الرياض وأنقرة في الصناعات الدفاعية خاصة مع الطفرة التي حققتها تركيا بمجال التصنيع العسكري، وأنظمة القتال البحرية والدفاع الجوي، والطائرات المسيرة التي سبق أن أبدت السعودية اهتماماً بها.
يدعم هذا الرأي الباحث التركي أويتون أورهان في حديثٍ لوكالة “سبوتنيك” الروسية، باللغة التركية، متوقعاً أن تتناول الزيارة تصدير المنتجات الدفاعية التركية إلى السعودية، إضافة إلى مناقشة العلاقات التجارية، لافتاً إلى أنها ستتضمن أيضاً بحث القضايا الإقليمية؛ مثل اليمن وسوريا وليبيا.

صفحة جديدة
ولم تصدر السعودية أي تصريحات أو تعليقات حول الزيارة التي أعلن عنها الرئيس التركي، بوقتٍ لم يُعلن موعدها أو أجندة لقاءاتها سواء من الرياض أو أنقرة.
يؤكد زيد بن كمي أن السعودية لم تصدر أي بيان أو توضيح حول الزيارة، لكن في المقابل فإن السياسة السعودية المتأنية والحكيمة ترحب دوماً بمبادرات حسن النوايا لخلق علاقاتٍ جيدة مع مختلف الدول، شريطة احترام سيادة المملكة، وعدم التدخل في شؤونها، لافتا إلى أن ثمة مبادرات لاستعادة العلاقات الجيدة بين الرياض وأنقرة بدأت بحديث الرئيس التركي مع الملك سلمان للتهنئة بشهر رمضان الماضي، وما تبعها من زيارة وزير الخارجية التركي للمملكة الأمر الذي عكس مؤشراتٍ مهمة لاستعادة العلاقات بين البلدين.

وتوقع طه أوغلو أن يكون إعلان الرئيس التركي جاء بعد اكتمال التحضيرات للزيارة التي استمرت أكثر من 6 أشهر من أجل إعادة العلاقات لسابق عهدها، خاصة وأنها تأتي بعد تكهناتٍ عن امكانية إجراء لقاء بين أردوغان وولي العهد محمد بن سلمان خلال زيارتهما إلى الدوحة لكن هذا اللقاء لم يحدث، مشيراً إلى أن الوقت يبدو أنه حان لتطبيع العلاقات بين أنقرة والرياض لا سيما بعدما حققت المساعي مع الإمارات اختراقاً كبيراً خلال الشهرين الماضيين، ومع مصر وصلت إلى مرحلةٍ متقدمة، على الرغم من البطء الذي يحدث.
يختتم طه عودة أوغلو: يشهد مسار العلاقات التركية السعودية تقدماً أسرع بالأسابيع المقبلة، نظراً لحاجة كلا البلدين لبعضهما البعض في ظلِّ المخاطر التي تحيط بالمنطقة لا سيما الخطر الإيراني الذي يهدد المنطقة بالكامل، مؤكداً أن أنقرة لا تنظر للوراء لكنها تتطلع إلى المستقبل في علاقاتها مع السعودية.