الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
أردوغان.. رجل الفوضى “غير” الخلَّاقة
تركيا ترعى التطرُّف والإرهاب .. وتخوض صراعًا متعدد الأطراف لفرض هيمنتها

كيوبوست
لا تترك تركيا فرصةً لأي استقرار في دول جوارها، فما أن تبدأ إحداها في تنظيم مؤسساتها وترتيب أوراقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا وتمتد يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ لتعبث فيها وتضرب محاولاتها في الاستقرار بنشر الإرهاب والفوضى؛ من أجل السيطرة عليها.
وهذا تقريبًا ما حذَّر منه الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، خلال كلمته في القمة العربية بتونس؛ حيث أعلن بكل وضوح أن تدخلات تركيا وإيران في الشأن الداخلي لبعض الدول العربية تحمل أطماعًا للإمبراطوريتَين في الهيمنة والسيطرة.
ليبيا
لعل الأزمة الرئيسية التي تعيشها ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في 2011 سببها التدخل التركي- القطري؛ فجميع الميليشيات المسلحة مدعومة من نظامَي أردوغان وتميم، حتى حكومة فايز السراج تعتبر وزارة تعمل تحت يد الرعاة في أنقرة والدوحة.
ومع نجاح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في السيطرة على الجزء الشرقي من الدولة وانتصاراته المتتالية على الجماعات الإرهابية، بدا وكأن أردوغان يفقد السيطرة على دولة كان يحتسبها ضمن مناطق نفوذه وسيطرته، فهاهو ذا يحاول عبثًا وأد هذا التقدم نحو العاصمة طرابلس؛ حتى إن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أكد في أحد تصريحاته نقل تركيا مقاتلين من جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة في سوريا؛ من أجل القتال مع الميليشيات المسلحة في طرابلس ضد الجيش الوطني.

شاهد: صديق الإرهاب الوفي.. أردوغان
السودان
لقد اهتمت أنقرة بالجزيرة السودانية سواكن؛ بسبب وجودها على البحر الأحمر، حيث أعلن أردوغان في الماضي اتفاقه مع الرئيس السابق عمر البشير، بدعم من قوى الإخوان -الحليف الاستراتيجي لأنقرة- على تخصيص الجزيرة لتركيا بزعم ترميمها وإعادتها إلى أصلها القديم، ولكن نجد أن أردوغان كان يحاول بهذا الاتفاق تهديد الدول العربية الواقعة على البحر الأحمر، ونشر ميليشياته الإرهابية فيها، وقد أوضحت إريتريا، في بيان لها، أول أبريل الجاري عن رفضها التدخلات التركية- القطرية في البحر الأحمر.
وبعد سقوط البشير، فإن اتفاق جزيرة سواكن ربما يذهب أدراج الرياح بعد أن نقلت بعض وكالات الأنباء عزم المجلس العسكري السوداني، القائم بإدارة البلاد، هذه الأيام، إلغاء هذا الاتفاق.

سوريا
لا شك في أن تركيا لاعب سلبي في المعادلة السياسية السورية المعقدة؛ بسبب تدخلات جيش أردوغان في بعض المناطق السورية، وهو مطمع قديم للخليفة التركي؛ فما أن بدأت الاحتجاجات ضد نظام الأسد بدأت أنقرة تسهم في تحويل الوضع من مجرد احتجاجات ضد الرئيس السوري إلى حرب بين جماعات إرهابية مسلحة مدعومة من تركيا من جهة، وبين الجيش السوري العربي من جهة أخرى.
ولعل الدور التركي في السماح بنقل ومرور وعلاج عناصر الجماعات الإرهابية في تنظيمَي “النصرة” و”داعش” واضح للغاية؛ حتى إن زعم تركيا ملاحقتها التنظيمات المتطرفة لم يعد محل تصديق؛ لتصبح واحدة من أهم أسباب الاستعانة بقوات غربية من روسيا وأمريكا للحرب في سوريا.

قطر
استطاعت تركيا بمساعدة نظام الحمدين، ومن بعده نظام الأمير تميم بن حمد، أن يكون لها وجود بقوات عسكرية في منطقة الخليج العربي، واستغلت مقاطعة قوى الاعتدال العربي -السعودية والإمارات والبحرين ومصر- لنظام قطر الداعم للإرهاب؛ للامتداد في المنطقة العربية، حيث أصبحت الدوحة بلدًا محتلًّا بقوات عسكرية تركية؛ لا لشيء سوى لحماية أميرها الشاب، مقابل مليارات الدولارات التي ضخَّها تميم في تركيا؛ لإنقاذ اقتصادها المتدهور.

اقرأ أيضًا: تركيا والدواعش.. الطريق إلى “دولة الخلافة”
العراق
سبق لرئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أن صرَّح في عام 2018، بأن الجيش التركي توغَّل بعمق 30 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية بزعم ملاحقته مسلحي حزب العمال الكردستاني في مناطق سنجار ومخمور، وقد رفض رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، هذه التدخلات الأردوغانية، ونفى نية حكومته طلب المساعدة من القوات التركية لتحرير الموصل، كما ادَّعى الرئيس التركي.

لكن الثابت أن تركيا استمرت في توغلها بالأراضي العراقية بالتعاون مع الميليشيات المسلحة، كما يقول الدكتور وسام الصباح، المحلل السياسي العراقي لـ”كيوبوست”، مضيفًا: “تركيا تتبع النظام الإسلامي، وتريد نشر أفكارها في كل الدول، حتى ولو بالقوة، وهي تهدد استقرار كل دول الجوار، ونرى أن جميع المصابين من تنظيم داعش الإرهابي، سواء من العراق أو سوريا، تم علاجهم بمستشفيات تركية وبموافقة الرئيس التركي أردوغان، وجميع الدول التي كانت تطلب المساعدة من تركيا كانت التنظيمات الإرهابية توجد على أراضي هذه الدول؛ بسبب تركيا”.

وأكد الصباح أن تركيا دائمًا منشغلة بفكرة الدولة العثمانية، فهي تريد أن تنشر إمبراطوريتها، فنجد كل فترة تصريحات تركية بزعم أن مدينة الموصل أراضٍ عثمانية تركية؛ لهذا تعتمد تركيا على البلبلة وعدم الاستقرار من خلال التنظيمات الإرهابية. وأشار المحلل السياسي العراقي إلى أنه لأول مرة نرى تعاونًا بين الدولة العثمانية متمثلة في تركيا، والدولة الفارسية متمثلة في إيران، ولكن هذا التعاون لاقتسام واقتطاع جزء من العراق لصالحهما، منوهًا بأنه على الحكومة العراقية أن تكون حكومة مستقلة، وأن تحِد من النفوذ التركي- الإيراني.

وفي تعليقه لـ”كيوبوست”، قال الدكتور سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية: “إن أداء أردوغان لا يختلف عن أداء جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يطلق عليه الصراع متعدد الأبعاد؛ حيث في البداية يخوض الانتخابات البرلمانية والنقابات، ثم يسيطر على الأموال بكل الطرق، سواءً أكانت شرعية أم غير شرعية، ثم يسيطر على منظمات المجتمع المدني من جمعيات ومؤسسات تعمل داخل المجتمع، وأخيرًا يعتمد على نشر الإرهاب”. وأكد راغب أن الاعتماد على الإرهاب كان طريقة أردوغان للتدخل في الدول العربية؛ عن طريق نشر العنف في المجتمعات، من خلال التعاون بينه وبين تنظيمات؛ مثل: “القاعدة” و”أحرار الشام”، وكل تلك الطرق لنجاح التوسعات الخارجية التي يبحث عنها أردوغان.
وتابع رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية بأن أردوغان قبل أن يأتي لرئاسة الوزراء كانت تركيا دولة ديمقراطية بها نظام يحترمه العالم، وكانت قريبة من عضوية الاتحاد الأوروبي؛ لكن طريقة الإخوان الذين منهم أردوغان هي الوصول إلى السلطة بصندوق الانتخابات، وبعدها لا يسلم السلطة إطلاقًا، وهذا ما حدث برفضه الاعتراف بالهزيمة في أنقرة وإسطنبول، بجانب ذلك لديه ميليشيات غير معلنة داخل تركيا قادرة على قمع المتظاهرين ضد سلطته مثلما رأينا في الانقلاب الأخير ضده؛ إذ لم تقمع قوات من الجيش ولا الشرطة المتظاهرين بالشارع بل قمعتهم ميليشيات تابعة له.
ونوه راغب بأن أردوغان ليس كما يُقال عنه إنه راعٍ لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها العالمي، بل هو أداة في يد هذا التنظيم، والراعي الحقيقي لهذه الجماعة الإرهابية هو قطر. تركيا موجودة في ليبيا عن طريق قطر وجماعة الإخوان، تركيا تحاول الدخول في الجزائر عن طريق الإخوان، وأيضًا قطر هي التي جاءت بقوات تركية في منطقة الخليج؛ حتى إن الوفاق مع إيران كان بموافقة يوسف القرضاوي، الذي يعطي لأردوغان غطاء أيديولوجيًّا، والقنوات الإعلامية التي تبث من قطر تساعد تركيا في الوصول إلى أهدافها غير الشرعية.
واختتم راغب تصريحاته إلى “كيوبوست” قائلًا: “إن تركيا أصبحت دولة مرفوضة أوروبيًّا؛ بسبب تصرفات أردوغان، فهو يقوم بطرق مريبة لا يعرفونها، ولكن هذه هي طريقة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وهي أنك لو اقتربت من الفشل تقوم بإشعال الفتنة؛ ولهذا السبب فإن جميع الدول الديمقراطية لا تريد التعامل معه”.

اقرأ أيضًا: فاسد ومتناقض وداعم للإرهاب.. أردوغان يُغرق تركيا