الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
أخبار سيئة للبيت الأبيض… أمريكا على حافة الهاوية

كيوبوست- ترجمات
ستيفن كولينسون♦
لم يكن قول الرئيس بايدن “إن الأمريكيين محبطين للغاية” مفاجئاً لأحد. فالعديد من جوانب الحياة الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والوطنية التي كانت تعمل بسلاسة أصبحت متعثرة. فالجائحة، وعلى الرغم من أنها بدأت بالانحسار، تركت آثاراً لا تزال تعقِّد الحياة اليومية، وتهدد الآفاق الاقتصادية للأمريكيين، ولا شك أن هذه الأجواء ستولد اضطرابات في بلدٍ يشهد انقسامات أيديولوجية تتوسع باطّراد قبل الانتخابات النصفية المقبلة التي يرجح أن تسبب المزيد من الخلل في حال تمخضت عن تقاسم للسلطة بين الجمهوريين والديمقراطيين.
ويزيد من مشاكل الأمريكيين الارتفاع الحاد في أسعار الوقود والمواد الغذائية والسلع الحيوية. كما تعيق مشاكل قطاع الطيران الموسم السياحي المقبل، إضافة إلى أن الجائحة لا تزال تعطل المخيمات الصيفية والمدارس.
اقرأ أيضاً: هل يمكن لبايدن إنقاذ الأمريكيين على غرار صديقي القديم مايك؟
وفي هذه الأجواء يتجلى الانقسام في الجهود المتعثرة داخل مجلس الشيوخ لتمرير قيود على حمل الأسلحة النارية وحيازتها، وكذلك في جلسات الاستماع لاختيار لجنة مجلس النواب للتحقيق في تمرد الكابيتول، الأمر الذي يعكس تحول الحزب الجمهوري ضد الديمقراطية، ويزيد من مخاطر الانقسام في الانتخابات المقبلة.
ومن المرجح أن يتفاقم هذا المزاج المتوتر على مستوى الوطن إذا ما حكمت المحكمة العليا في الأيام المقبلة ضد الرأي العام للأغلبية، وخففت القيود المفروضة على حيازة السلاح، وألغت حق المرأة في الإجهاض، وهذا ما قد يكون انتصاراً مزدوجاً للمحافظين. وبالفعل فقد تم توجيه اتهامات لرجل بمحاولة قتل القاضي المحافظ بريت كافانو، مما يعكس الأجواء المشحونة التي تحيط بالمحكمة والقضايا المسيسة التي سوف تبت فيها.
وعلى الجبهة الخارجية ليست الأوضاع بأفضل حالاً، فالولايات المتحدة تمول حرباً ضد روسيا في أوكرانيا، وهذه الحرب الباهظة التكاليف تسير في طريقٍ مسدود. كما أن مواجهة صعود الصين كقوة عظمى تستنزف المزيد من موارد الولايات المتحدة، وربما ستنضم أزمة نووية جديدة مع إيران إلى أزمة كوريا الشمالية.

ولا شك أن كل هذه الأزمات سوف تلقي بثقلها على الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة بعد أقل من خمسة أشهر. فشعبية الرئيس بايدن المتراجعة، وضعف أداء البيت الأبيض، يهددان بتسلم الجمهوريين لمجلسي النواب والشيوخ. وهذا الأمر سيؤدي إلى حقبة سياسية تبدو فيها كل انتخابات وكأنها تنصل ممن هم في السلطة، وإعادة تقويم لقرارات الناخبين في الانتخابات السابقة.
ربما يكون ما يستطيع بايدن فعله لتحسين الاقتصاد أمراً قابل للنقاش، ولكن ما لا شك فيه أن خطابه الانتخابي في عام 2020 الذي أوصله إلى البيت الأبيض قد بدأ بالانهيار. اتخذ البيت الأبيض إجراءات متعددة لإصلاح الأمور، منها الاستخدام الموسع لسلطات وقت الحرب بموجب قانون الإنتاج الدفاعي، وضخ ملايين البراميل من النفط وزيادة الواردات من حليب الأطفال من الخارج، لكن هذه الجهود لم تفعل الكثير. وفيما يتعلق بالتضخم، فالبيت الأبيض لم يفعل الكثير، ولا يزال بايدن في موقف صعب لا يتيح له الاستفادة من النواحي الإيجابية للإجراءات التي اتخذها؛ لأن الأمريكيين لا يشعرون بتحسن وضع الاقتصاد في حياتهم.
اقرأ أيضاً: بايدن كان دائماً بحاجة إلى المملكة العربية السعودية
وفي أحيانٍ كثيرة، بدا الرئيس بايدن وكأنه يدعي الفضل في الإجراءات الاقتصادية التي نجحت، ويلقي باللوم على الآخرين في تلك التي لم تنجح، ووصف ارتفاع أسعار الوقود بأنه “الغلاء الذي تسبب به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، وانتقد شركات الطاقة الكبرى بسبب أرباحها المتضخمة، فيما يبدو وكأنه استراتيجية لحشد الديمقراطيين، ولكنها لن تساعد في خفض أسعار الوقود.
لقد جاء تصريح بايدن، في مقابلةٍ مع وكالة أسوشيتيد برس، بأن “الأمريكيين محبطون حقاً” بعد سنوات الجائحة والانقسام السياسي، متوافقاً مع وعده الانتخابي بإخبار الأمريكيين الحقيقة كما هي. لكن هذا التصريح لم يقدم بايدن في صورة الرئيس الذي يلهم البلاد في أوقات الصعوبات.

وما يخشاه الديمقراطيون -والأمريكيون الذين يعانون- هو أن الأمور قد تتجه نحو الأسوأ. مزيج من التضخم المتزايد، وفقدان المزيد من الوظائف والاقتصاد المتباطئ، كل ذلك سيشكِّل كارثة سياسية كبيرة للبيت الأبيض، خاصة بعد تضرر مصداقية الإدارة في الشأن الاقتصادي، بعد أن قللت من شأن مخاطر التضخم في العام الماضي، ووصفته بأنه ظاهرة مؤقتة. وكانت وزيرة الخزانة جانيت يلين من المسؤولين القلائل الذين اعترفوا بأنهم أخطأوا.
تعكس التصريحات المرتبكة حول زيارة الرئيس بايدن للمملكة العربية السعودية رغبة الإدارة في إصلاح العلاقات مع السعوديين لتأمين زيادة في إنتاج النفط، كما تعكس في الوقت نفسه ردود الفعل العنيفة التي يواجهها بايدن من بعض الديمقراطيين بشأن تغيير موقفه من دولة وصفها يوماً بأنها “منبوذة”.
♦مرسل “سي إن إن” للشؤن السياسية، يغطي البيت الأبيض والسياسات الأمريكية والدولية.
المصدر: سي إن إن