الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
“أبو خميني”.. ذراع إيرانية جديدة لإنعاش المشروع الإيراني بالعراق

كيوبوست- مصطفى أبوعمشة
“أبو خميني”، هو العنوان الأبرز في الساحة العراقية لتشكُّل الواجهة الجديدة للسياسة الإيرانية هناك؛ فشخصيته باتت حاضرة في كل مكان. وعلى الرغم من أن عمره لا يتجاوز ثلاثين عامًا؛ فإن حسين المالكي الملقب بـ”أبو خميني”، بات شخصية جدلية؛ بل هو يمثل الآن الرقم الأول متقدمًا على هادي العامري وقيس الخزعلي وواثق البطاط وأبي عزرائيل.. وغيرهم.

تسعى إيران من خلال الأسماء (النجوم) الجديدة لتجديد الميليشيات الإيرانية عبر صناعة شخصيات تنعش ميليشياتها المسلحة في العراق مرة أخرى، بعد أن احترقت كل أوراقها وشخصياتها المعروفة والتابعة لها واستهلكت في الحروب التي خاضتها في العراق وسوريا.
اقرأ أيضاً: العراق يسعى للصلح كي لا يكون حطب الحرب
“أبو خميني” أصبح أبرز الوجوه الشابة الجديدة؛ ليتحول إلى نجم صاعد يحسب له القاصي والداني في العراق ألف حساب، من أصغر منصب في الدولة العراقية إلى أعلى هرم في الدولة؛ سواء أكان الرئيس العراقي نفسه برهم صالح أم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.
تسلَّم حسين إبراهيم المالكي المعروف بلقب “أبو خميني”، منصب المنسق العام لحزب الله بالعراق، إضافة إلى منصب مسؤول استخبارات قوة حزب الله الموجودة بشكل مكثف في قطاع عمليات بابل “جرف النصر”، والذي يعد واحدًا من المعاقل المهمة والبارزة لقوة “حزب الله” العراقي، بالإضافة إلى أنه المعقل المهم للحرس الثوري الإيراني، حيث تعدّ هذه المنطقة منطقة عسكرية مغلقة يُمنع من دخولها أعلى المسؤولين في الحكومة العراقية؛ ومنهم الرئيس العراقي ورئيس الوزراء.
يعمل مع مجموعته بشكل مكثف في منطقة “جرف الصخر”
ويعمل “أبو خميني” مع مجموعته التي تقدر بالآلاف بشكل مكثف في منطقة “جرف الصخر” التي باتت تُعرف مؤخرًا بـ”جرف النصر” بعد تحريرها من تنظيم “داعش”، فهذه المنطقة تضم سجونًا سرية لإيران ومعسكرات تدريبية تابعة للحرس الثوري الإيراني؛ وهي مركز عمليات مهم لإيران وللميليشيات المسلحة التابعة لها، ويوجد بها مسؤولون كبار من “حزب الله” اللبناني، و”حزب الله” العراقي، ومن جماعة أنصار الله الحوثي، إضافة إلى عدد كبير من رجالات الحرس الثوري والمستشارين الإيرانيين؛ على رأسهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

اقرأ أيضاً: هل نجحت قمة وارسو في تشكيل تحالف دولي لردع السلوك الإيراني؟
وهذا ما يؤكده المحلل السياسي العراقي زياد السنجري، لـ”كيوبوست”، بأن منطقة “جرف الصخر” تعدّ معقلًا أساسيًّا لتنظيم “حزب الله” العراقي، مشيرًا إلى أن إيران لديها خطط لاستهداف آبار النفط في الخليج؛ حتى الدول التي تعتبر نفسها محايدة، مثل قطر والكويت وسلطنة عمان، في حال قيام حرب في المنطقة بين إيران والسعودية، مشددًا على أن الأهداف النفطية في الخليج ستشكل أولوية بالنسبة إلى إيران أكثر من الأهداف العسكرية؛ وذلك لإحداث شلل في القوة الاقتصادية لدول الخليج ووقف حركة تصدير النفط إلى الخارج.
القيادي في تنظيم “حزب الله” وحركة “أنصار الولاية” العراقية، أبو زهراء السلطاني، أكد أن منطقة “جرف النصر” تحتوي على مئات الصواريخ الباليسيتة الموجهة؛ قصيرة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى؛ وهي من طرازات “أشتر” و”بتار” و”تايكر” و”قاصم” و”مبير”، يمكن أن يصل البعض منها إلى عمق السعودية، إضافة إلى وجود العشرات من الطائرات المسيرة “بلا طيار” من نوع “رقيب”، والتي عملت على ضرب عدة مصالح مختلفة في الداخل والخارج العراقي.
أسَّس ويرأس عدة مجاميع مسلحة
شخصية “أبو خميني”، أسَّست وترأست عدة مجموعات تقوم بعدة مهام مختلفة، وجميع هذه المجموعات والتنظيمات مرتبطة بقوة “حزب الله” الخاصة على مستوى المنطقة؛ تأتي على رأسها حركة “أنصار الولاية” التي يقدر عدد مقاتليها بين 1000 و1500 فرد حاصلين على أعلى التدريبات العسكرية؛ خصوصًا المتعلقة بالهجمات الصاروخية التي تعد مهمتها الأولى ضرب القوات والمصالح الأمريكية في كل مكان؛ خصوصًا العراق، وهذا ما أكده قيادي في تنظيم “أنصار الولاية” لـ”كيوبوست”، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء التنظيم بناءً على فتاوى وأفكار مرجعية شيعية عراقية مقيمة في إيران هي كاظم الحائري، وهو المخوّل بإدارة التنظيم بشكل سري داخل الساحة العراقية، عبر الإيعاز لـ”أبو خميني” بتنفيذ أوامر إيرانية.
اقرأ أيضًا: هل أصبح العراق جبهة جديدة في الحرب بين إسرائيل وإيران؟
يأتي ارتباط “أبو خميني” بالمشروع الإيراني في العراق عبر قوة “حزب الله” العراقي الخاصة التي ستكون تمهيدًا لمشروع سياسي معترف به من الحكومة العراقية.

ويتعزز هذا الارتباط الوثيق من قِبَل “أبو خميني” بطهران؛ عبر ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في العراق، مجتبى الحسيني، الذي يأخذ توجهاته بشكل مباشر ومعلن منه؛ لذلك يعتبر “أبو خميني” بمثابة حلقة الاتصال المباشرة بين طهران من جهة ومشروعهم في العراق من جهة أخرى، ويجمع بين منصبَين مهمَّين يتمثلان في منصب المنسق العام لحزب الله في العراق، ومنصب مسؤول استخبارات قوة حزب الله في العراق.
هجمات يقف خلفها بالتعاون مع حزب الله العراقي
هجمات متعددة نفذها “أبو خميني” مع تنظيمه التابع لـ”حزب الله” العراقي؛ كان من أبرزها الاقتحام الذي قاده “أبو خميني” مع عشرات من المتظاهرين لمبنى السفارة البحرينية في العاصمة العراقية بغداد، في 27 يونيو 2019.
وقد جاءت عملية الاقتحام بدفع من قوة “حزب الله” الخاصة، وبعض الفصائل المسلحة بالعراق؛ ومنها حسب ما ذكره مصدر، فضل عدم ذكر اسمه لـ”كيوبوست”، وكتائب النجباء التي يرأسها أكرم الكعبي، وكتائب سرايا الخُراساني التي يرأسها علي الياسري، حسب ما أكده قيادي في التيار الصدري لـ”كيوبوست”، تنديدًا بأعمال مؤتمر البحرين للسلام الاقتصادي في المنامة عاصمة البحرين؛ حيث أسفر عن تدمير وحرق أجزاء من السفارة وإنزال علم البحرين ورفع علم فلسطين بدلًا عنه، وأعقب ذلك الاقتحام استدعاء مملكة البحرين سفيرها من بغداد للتشاور، بينما ندَّدت الحكومة العراقية بالهجوم، معتبرة أن “أمن السفارات خط أحمر” لا يُسمح بتجاوزه.
اقرأ أيضًا: إيران تعد “حماس” و”حزب الله” لمواجهة مرتقبة مع إسرائيل

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد؛ فقد هاجم “أبو خميني” وقوة “حزب الله” الخاصة، مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد، التي تضم أبنية حكومية وسفارات أجنبية؛ لكنه لم يؤدِّ إلى سقوط ضحايا.

لكنَّ ملابسات الانفجار الذي نُفذ يوم الأحد 19 مايو 2019، لم تتضح حتى هذه اللحظة، والذي نجم عنه سقوط صاروخ كاتيوشا. وقد كشف قيادي في التيار الصدري لـ”كيوبوست” عن أن الهجوم كان يقف وراءه تنظيم “حزب الله”، والذي يعدّ “أبو خميني” أحد قياداته البارزة، إلا أن التنظيم و”أبو خميني” لم يعلنا مسؤوليتهما الصريحة عن الهجوم حتى هذه اللحظة.
كما سارع حلفاء عراقيون لإيران بإدانة الهجوم، مشددين على أن نشوب حرب بين طهران وواشنطن سيضر بغداد والمنطقة كلها.
وحثَّ السياسي وقائد أحد فصائل “منظمة بدر” هادي العامري، الذي تسيطر كتلته الانتخابية على ثاني أكبر عدد من المقاعد بالبرلمان، العراقيين، في بيان سابق، على “ألا يكونوا نارًا لهذه الحرب التي ستحرق الجميع”.
وردَّد قيس الخزعلي، الذي يرأس تنظيم “عصائب أهل الحق”، الموقف نفسه، وكتب على “تويتر” أن “الحرب لن تكون في مصلحة واشنطن أو طهران”.

وعلى أية حال، فإن شخصية “أبو خميني” تبقى شخصية جدلية غامضة بكل أبعادها المختلفة حتى هذه اللحظة، ويحتاج الحديث عنها إلى حلقات متصلة لا تنتهي؛ لكنّ عنوانها الأبرز هو بناء تنظيمات وميليشيات إيرانية تتبع “ولاية الفقيه” في طهران؛ للسيطرة وضمان عدم استقرار الأمن في العراق والعمل على تكوين دولة عميقة داخل الدولة العراقية، وأن الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية والجيش العراقي ليس لها أي تأثير حقيقي على الواقع السياسي والأمني في العراق.